شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٥ - الصفحة ١٦١
وتجمد وتصير جمادا لا حراك به، فيضعه الله تعالى حينئذ في الجو والجو عندهم هو الظلمة، ولا منتهى له، فيصير في الجو جمادا جامدا هوائيا، ويجمع الله تعالى أهل الأديان فيعذبهم بقدر ما يطهرهم، ويصفيهم من طاعة الشيطان، ويغسلهم من الأدناس، ثم يدخلهم الجنة، وهي جنة لا أكل فيها ولا شرب ولا تمتع ولكنها موضع لذة وسرور.
القول الرابع: قول المانوية:
وهو أن النور لا نهاية له من جهة فوق، وأما من جهة تحت فله نهاية والظلمة لا نهاية لها من جهة أسفل، وأما من جهة فوق فلها نهاية، وكان النور والظلمة هكذا قبل خلق العالم وبينهما فرجة وأن بعض أجزاء النور اقتحم تلك الفرجة لينظر إلى الظلمة، فأسرته (1) الظلمة، فأقبل عالم كثير من النور، فحارب الظلمة ليستخلص المأسورين من تلك الأجزاء، وطالت الحرب، واختلط كثير من أجزاء النور بكثير من أجزاء الظلمة، فاقتضت حكمة نور الأنوار - وهو البارئ سبحانه عندهم - أن عمل الأرض من لحوم القتلى والجبال من عظامهم، والبحار من صديدهم ودمائهم والسماء من جلودهم، وخلق الشمس والقمر وسيرهما لاستقصاء ما في هذا العالم من أجزاء النور المختلطة بأجزاء الظلمة، وجعل حول هذا العالم خندقا خارج الفلك الأعلى، يطرح فيه الظلام المستقصي، فهو لا يزال يزيد ويتضاعف ويكثر في هذا الخندق، وهو ظلام صرف قد استقصى نوره، وأما النور المستخلص فيلحق بعد الاستقصاء بعالم الأنوار من فوق، فلا تزال الأفلاك متحركة، والعالم مستمرا إلى أن يتم استقصاء النور الممتزج، وحينئذ يبقى من النور الممتزج شئ يسير، فينعقد بالظلمة لا تقدر النيران على استقصائه، فعند ذلك تسقط الأجسام العالية - وهي الأفلاك - على الأجسام السافلة - وهي الأرضون - وتثور نار وتضطرم في تلك الأسافل وهي المسماة بجهنم، ويكون الاضطرام

(1): ج (فأشرقت) تصحيف.
(١٦١)
مفاتيح البحث: القتل (1)، الأكل (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 156 157 158 159 160 161 162 163 164 165 166 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 58 - من كلام عليه السلام لما عزم على حرب الخوارج وقيل له إن القوم قد عبروا جسر النهروان 3
2 بدء ظهور الغلاة 5
3 طرق الإخبار بالمغيبات 9
4 59 - من كلامه لما قتل الخوارج فقيل له يا أمير المؤمنين هلك القوم بأجمعهم 14
5 الكناية والرموز والتعريض وذكر مثل منها 15
6 الفرق بين الكناية والتعريض 59
7 مقتل الوليد بن طريف الخارجي ورثاء أخته له 73
8 خروج ابن عمرو الخثعمي وأمره مع محمد بن يوسف الطائي 74
9 ذكر جماعة ممن كان يرى رأي الخوارج 76
10 60 - من كلام له عليه السلام في الخوارج 78
11 عود إلى أخبار الخوارج وذكر رجالهم وحروبهم 80
12 مرداس بن حدير 82
13 عمران بن حطان 91
14 المستورد السعدي 97
15 حوثرة الأسدي 98
16 أبو الوازع الراسبي 102
17 عمران بن الحارث الراسبي 103
18 عبد الله بن يحيى والمختار بن عوف 106
19 خطب أبي حمزة الشاري 114
20 أخبار متفرقة عن أحوال معاوية 129
21 61 - من كلام له لما خوف الغيلة 132
22 اختلاف الناس في الآجال 133
23 62 - من كلام له في وصف الدنيا 140
24 63 - من كلام له في الحض على الزهد والاستعداد لما بعد الموت 145
25 عظة للحسن البصري 147
26 من خطب عمر بن عبد العزيز 150
27 من خطب ابن نباتة 151
28 64 من خطبة له في تنزيه الله سبحانه وتقديسه 153
29 اختلاف الأقوال في خلق العالم 157
30 65 - من كلام له كان يقوله لأصحابه في بعض أيام صفين 168
31 من أخبار يوم صفين 175