والنفس بالسياق تجذب، والموت بالفراق يقرب، والعيون لهول مصرعه تسكب، والحامة عليه تعدد وتندب، حتى تجلى له ملك
الموت من حجبه، فقضى فيه قضاء أمر ربه، فعافه الجليس، وأوحش منه الأنيس، وزود من ماله كفنا، وحصر في الأرض بعمله مرتهنا، وحيدا على كثرة الجيران بعيدا على قرب المكان، مقيما بين قوم كانوا فزالوا، وحوت عليهم الحادثات فحالوا، لا يخبرون بما إليه آلوا، ولو قدروا على المقال لقالوا قد شربوا من
الموت كأسا مرة، ولم يفقدوا من أعمالهم ذرة، وآلى عليهم الدهر ألية برة، ألا يجعل لهم الدنيا كرة، كأنهم لم يكونوا للعيون قرة، ولم يعدوا في الاحياء مرة، أسكتهم الذي أنطقهم وأبادهم الذي خلقهم، وسيجدهم كما خلقهم، ويجمعهم كما فرقهم يوم يعيد الله العالمين خلقا جديدا، ويجعل الله
الظالمين لنار جهنم وقودا:
﴿يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا﴾ (1).