وكان يقول: المال غير باق عليك، فاشتر به من الحمد والاجر ما يبقى عليك (1).
[حوثرة الأسدي] قال أبو العباس (2: وخرج من الخوارج على معاوية بعد قتل على، حوثرة الأسدي، وحابس الطائي، خرجا في جمعهما، فصارا إلى مواضع أصحاب النخيلة 2)، ومعاوية يومئذ بالكوفة قد دخلها في عام الجماعة (3)، وقد نزل الحسن بن علي، وخرج يريد المدينة، فوجه إليه معاوية - وقد تجاوز في طريقه - يسأله أن يكون المتولي لمحاربة الخوارج، فكان جواب الحسن: والله لقد كففت عنك لحقن دماء المسلمين، وما أحسب ذاك يسعني، أفأقاتل عنك قوما أنت والله أولى بالقتال منهم!
قلت: هذا موافق لقول أبيه: (لا تقاتلوا الخوارج بعدي، فليس من طلب الحق فأخطأه، مثل من طلب الباطل فأدركه)، وهو الحق الذي لا يعدل عنه، وبه يقول أصحابنا، فإن الخوارج عندهم أعذر من معاوية، وأقل ضلالا، ومعاوية أولى بأن يحارب منهم.
قال أبو العباس: فلما رجع الجواب إلى معاوية أرسل إلى حوثرة الأسدي أباه، وقال له:
اذهب فاكفني أمر ابنك، فصار إليه أبوه، فدعاه إلى الرجوع فأبى، فما رآه (4) فصمم، فقال: يا بنى أجيئك بابنك، فلعلك تراه فتحن إليه، فقال: يا أبت، أنا والله إلى طعنة نافذة أتقلب فيها على كعوب الرمح، أشوق منى إلى ابني!