أعطيت لسانا صارما، وقلبا كليلا، فلوددت أن صرامة لسانك كانت لقلبك، وكلال قلبك كان للسانك، أتحض على الحق وتقعد عنه! وتقبح الباطل وتقيم عليه! فقال نافع:
يا أبا الوازع، إنما ننتظر الفرص، إلى أن تجمع من أصحابك من تنكئ به عدوك، فقال أبو الوازع:
لسانك لا تنكئ به القوم إنما * تنال بكفيك النجاة من الكرب فجاهد أناسا حاربوا الله واصطبر * عسى الله أن يجزى غوى بنى حرب (1) يعنى معاوية. ثم قال: والله لا ألومك، ونفسي ألوم، ولأغدون غدوة لا أنثني بعدها أبدا، ثم مضى فاشترى سيفا، وأتى صيقلا (2) كان يذم الخوارج، ويدل على عوراتهم، فشاوره في السيف، فحمده، ثم [قال] (3): أشحذه فشحذه حتى إذا رضيه، خبط به الصيقل فقتله، وحمل على الناس فهربوا منه، حتى أتى مقبرة بنى يشكر، فدفع عليه رجل حائط ستره، فشدخه وأمر ابن زياد بصلبه (4).
[عمران بن الحارث الراسبي] قال أبو العباس: ومن نساكهم الذين قتلوا في الحرب عمران بن الحارث الراسبي، قتل يوم دولاب، التقى هو والحجاج بن باب الحميري، وكان الأمير يومئذ على أهل البصرة، وصاحب رايتهم ضربتين فخرا ميتين، فقالت أم عمران ترثيه:
الله أيد عمرانا وطهره * وكان يدعو الله في السحر