(63) الأصل:
من خطبة له عليه السلام:
(1) فاتقوا الله عباد الله، وبادروا آجالكم بأعمالكم، وابتاعوا ما يبقى لكم بما يزول عنكم، وترحلوا فقد جد بكم، واستعدوا للموت فقد أظلكم، وكونوا قوما صيح بهم فانتبهوا، وعلموا أن الدنيا ليست لهم بدار فاستبدلوا، فإن الله سبحانه لم يخلقكم عبثا، ولم يترككم سدى، وما بين أحدكم وبين الجنة أو النار إلا الموت أن ينزل به.
وإن غاية تنقصها اللحظة، وتهدمها الساعة، لجديرة بقصر المدة. وإن غائبا يحدوه الجديدان: الليل والنهار، لحري بسرعة الأوبة. وإن قادما يقدم بالفوز أو الشقوة لمستحق لأفضل العدة.
فتزودوا في الدنيا من الدنيا ما تحرزون به أنفسكم غدا. فاتقى عبد ربه، نصح نفسه، وقدم توبته، وغلب شهوته، فإن أجله مستور عنه، وأمله خادع له، والشيطان موكل به، يزين له المعصية ليركبها، ويمنيه التوبة ليسوفها، إذا هجمت منيته عليه أغفل ما يكون عنها.
فيالها حسرة على ذي غفلة أن يكون عمره عليه حجة، وأن تؤديه أيامه إلى الشقوة! نسأل الله سبحانه أن يجعلنا وإياكم ممن لا تبطره نعمة، ولا تقصر به عن طاعة ربه غاية، ولا تحل به بعد الموت ندامة ولا كآبة.