شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٣ - الصفحة ١٨
يقال: إنه كان مستورا حتى ظهر منه ما ظهر! وفي الوليد نزل قوله تعالى: ﴿أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا يستوون﴾ (١)، فالمؤمن هاهنا أمير المؤمنين عليه السلام، والفاسق الوليد، على ما ذكره أهل التأويل. وفيه نزل قوله تعالى: ﴿يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين﴾ (2)، والسبب في ذلك أنه كذب على بنى المصطلق عند رسول الله صلى الله عليه وآله، وادعى أنهم منعوه الصدقة. ولو قصصنا مخازيه المتقدمة ومساويه لطال بها الشرح.
وأما شربه الخمر بالكوفة وسكره، حتى دخل عليه [من دخل] (3) وأخذ خاتمه من إصبعه، وهو لا يعلم، فظاهر، وقد سارت به الركبان. وكذلك كلامه في الصلاة، والتفاته إلى من يقتدى به فيها وهو سكران، وقوله لهم: أأزيدكم؟ فقالوا:
لا، قد قضينا صلواتنا، حتى قال الحطيئة في ذلك:
شهد الحطيئة يوم يلقى ربه * أن الوليد أحق بالعذر (4)

(١) سورة السجدة ١٨.
(٢) سورة الحجرات ٦.
(3) تكملة من كتاب الشافي.
(4) كذا وردت الرواية في الأصول والشافي، وروى صاحب الأغاني 4: 176 (ساسي) بسنده عن مصعب الزبيري، قال: قال الوليد بن عقبة بعد ما جلد: اللهم أنهم شهدوا على بزور، فلا ترضهم عن أمير، ولا ترض عنهم أميرا، فقال الحطيئة يكذب عنه:
شهد الحطيئة يوم يلقى ربه * أن الوليد أحق بالغدر خلعوا عنانك إذ جريت ولو * تركوا عنانك لم تزل تجرى ورأوا شمائل ماجد أنف * يعطى على الميسور والعسر فنزعت مكذوبا عليك ولم * تنزع إلى طمع ولا فقر فقال رجل من بنى عجل يرد على الحطيئة:
نادى وقد تمت صلاتهم * أأزيدكم - ثملا - وما يدرى ليزيدكم خيرا ولو قبلوا * لقرنت بين الشفع والوتر فأبوا أبا وهب ولو فعلوا * وصلت صلاتهم إلى العشر وانظر ديوان الحطيئة 85.
(١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 بقية رد المرتضى على ما أرده القاضي عبد الجبار من الدفاع عن عثمان 4
2 ذكر المطاعن التي طعن بها على عثمان والرد عليها 11
3 بيعة جرير بن عبد الله البجلي لعلي 70
4 بيعة الأشعث لعلي 73
5 دعوة علي معاوية إلى البيعة والطاعة ورد معاوية عليه 74
6 أخبار متفرقة 91
7 مفارقة جرير بن عبد الله البجلي لمعاوية 115
8 نسب جرير وبعض أخباره 117
9 44 - ومن كلام له عليه السلام لما هرب مصقلة بن هبيرة الشيباني إلى معاوية 119
10 نسب بنى ناجية 120
11 نسب علي بن الجهم وطائفة من أخباره وشعره 122
12 نسب مصقلة بن هبيرة 127
13 خبر بني ناجية مع علي 127
14 قصة الخريت بن راشد الناجي وخروجه على علي 128
15 45 - من خطبة له عليه السلام في الزهد وتعظيم الله وتصغير أمر الدنيا 152
16 فصل بلاغي في الموازنة والسجع 153
17 نبذ من كلام الحكماء في مدح القناعة وذم الطمع 154
18 46 - من كلام له عليه السلام عن عزمه على المسير إلى الشام 165
19 أدعية على عند خروجه من الكوفة لحرب معاوية 166
20 كلام علي حين نزل بكربلاء 169
21 كلامه لأصحابه وكتبه إلى عماله 171
22 كتاب محمد بن أبي بكر إلى معاوية وجوابه عليه 188
23 47 - من كلام له عليه السلام في ذكر الكوفة \ 197
24 فصل في ذكر فضل الكوفة 198
25 48 - من خطبة له عليه السلام عند المسير إلى الشام 200
26 أخبار علي في جيشه وهو في طريقه إلى صفين 202
27 49 - من خطبة له في تمجيد الله سبحانه وتمجيده 216
28 فصول في العلم الإلهي: 217
29 الفصل الأول وهو الكلام على كونه تعالى عالما بالأمور الخفية 218
30 الفصل الثاني في تفسير قوله عليه السلام: " ودلت عليه أعلام الظهور " 221
31 الفصل الثالث في أن هويته تعالى غير هوية البشر 222
32 الفصل الرابع في نفي التشبيه عنه تعالى 223
33 الفصل الخامس في بيان أن الجاحد له مكابر بلسانه ومثبت له بقلبه 238
34 50 - من خطبة له عليه السلام يصف وقوع الفتن 240
35 51 - من كلام له عليه السلام لما غلب أصحاب معاوية أصحابه عليه السلام على شريعة الفرات بصفين ومنعوهم من الماء 244
36 الأشعار الواردة في الإباء والأنف من احتمال الضيم 245
37 أباة الضيم وأخباره 249
38 غلبة معاوية على الماء بصفين ثم غلبة علي عليه بعد ذلك 312
39 52 - من خطبة له في وصف الدنيا ما قيل من الأشعار في ذم الدنيا 335