على ماذا قتلنا الشيخ أمس! فيما يروى، ولم يكن ذلك بعيب إذا أدى ما وجب عليه في اجتهاده.
فأما قولهم: إنه كتب إلى ابن أبي سرح حيث ولى محمد بن أبي بكر بأنه يقتله ويقتل أصحابه، د فقد أنكر ذلك أشد إنكار، حتى حلف عليه، وبين أن الكتاب الذي ظهر ليس كتابه ولا الغلام غلامه ولا الراحلة راحلته، وكان في جملة من خاطبه في ذلك أمير المؤمنين عليه السلام، فقبل عذره. وذلك بين، لان قول كل أحد مقبول في مثل ذلك، وقد علم أن الكتاب يجوز فيه التزوير، فهو بمنزله الخبر الذي يجوز فيه الكذب.
فإن قيل: فقد علم أن مروان هو الذي زور الكتاب، لأنه هو الذي كان يكتب عنه، فهلا أقام فيه الحد!
قيل: ليس يجب بهذا القدر أن يقطع على أن مروان هو الذي فعل ذلك، لأنه وإن غلب ذلك في الظن، فلا يجوز أن يحكم به، وقد كان القوم يسومونه تسليم مروان إليهم، وذلك ظلم، لان الواجب على الامام أن يقيم الحد على من يستحقه أو التأديب، ولا يحل له تسليمه إلى غيره، فقد كان الواجب أن يثبتوا عنده ما يوجب في مروان الحد والتأديب ليفعله به، وكان إذا لم يفعل والحال هذه يستحق التعنيف. وقد ذكر الفقهاء في كتبهم أن الامر بالقتل لا يوجب قودا ولا دية ولا حدا، فلو ثبت، في مروان ما ذكروه لم يستحق القتل وإن استحق التعزير، لكنه عدل عن تعزيره، لأنه لم يثبت، وقد يجوز أن يكون عثمان ظن أن هذا الفعل فعل بعض من يعادي مروان تقبيحا لامره، لان ذلك يجوز، كما يجوز أن يكون من فعله، ولا يعلم كيف كان اجتهاده وظنه! وبعد فإن هذا الحدث من أجل ما نقموا عليه، فإن كان شئ من ذلك يوجب خلع عثمان وقتله، فليس إلا هذا، وقد علمنا أن هذا الامر لو ثبت ما كان يوجب القتل، لان الامر بالقتل لا يوجب القتل، سيما قبل وقوع القتل المأمور به، فنقول (1) لهم: لو ثبت ذلك على عثمان أكان يجب قتله! فلا يمكنهم ادعاء