شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٣ - الصفحة ١٤
على ماذا قتلنا الشيخ أمس! فيما يروى، ولم يكن ذلك بعيب إذا أدى ما وجب عليه في اجتهاده.
فأما قولهم: إنه كتب إلى ابن أبي سرح حيث ولى محمد بن أبي بكر بأنه يقتله ويقتل أصحابه، د فقد أنكر ذلك أشد إنكار، حتى حلف عليه، وبين أن الكتاب الذي ظهر ليس كتابه ولا الغلام غلامه ولا الراحلة راحلته، وكان في جملة من خاطبه في ذلك أمير المؤمنين عليه السلام، فقبل عذره. وذلك بين، لان قول كل أحد مقبول في مثل ذلك، وقد علم أن الكتاب يجوز فيه التزوير، فهو بمنزله الخبر الذي يجوز فيه الكذب.
فإن قيل: فقد علم أن مروان هو الذي زور الكتاب، لأنه هو الذي كان يكتب عنه، فهلا أقام فيه الحد!
قيل: ليس يجب بهذا القدر أن يقطع على أن مروان هو الذي فعل ذلك، لأنه وإن غلب ذلك في الظن، فلا يجوز أن يحكم به، وقد كان القوم يسومونه تسليم مروان إليهم، وذلك ظلم، لان الواجب على الامام أن يقيم الحد على من يستحقه أو التأديب، ولا يحل له تسليمه إلى غيره، فقد كان الواجب أن يثبتوا عنده ما يوجب في مروان الحد والتأديب ليفعله به، وكان إذا لم يفعل والحال هذه يستحق التعنيف. وقد ذكر الفقهاء في كتبهم أن الامر بالقتل لا يوجب قودا ولا دية ولا حدا، فلو ثبت، في مروان ما ذكروه لم يستحق القتل وإن استحق التعزير، لكنه عدل عن تعزيره، لأنه لم يثبت، وقد يجوز أن يكون عثمان ظن أن هذا الفعل فعل بعض من يعادي مروان تقبيحا لامره، لان ذلك يجوز، كما يجوز أن يكون من فعله، ولا يعلم كيف كان اجتهاده وظنه! وبعد فإن هذا الحدث من أجل ما نقموا عليه، فإن كان شئ من ذلك يوجب خلع عثمان وقتله، فليس إلا هذا، وقد علمنا أن هذا الامر لو ثبت ما كان يوجب القتل، لان الامر بالقتل لا يوجب القتل، سيما قبل وقوع القتل المأمور به، فنقول (1) لهم: لو ثبت ذلك على عثمان أكان يجب قتله! فلا يمكنهم ادعاء

(1) الشافي (فيقال لهم).
(١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 بقية رد المرتضى على ما أرده القاضي عبد الجبار من الدفاع عن عثمان 4
2 ذكر المطاعن التي طعن بها على عثمان والرد عليها 11
3 بيعة جرير بن عبد الله البجلي لعلي 70
4 بيعة الأشعث لعلي 73
5 دعوة علي معاوية إلى البيعة والطاعة ورد معاوية عليه 74
6 أخبار متفرقة 91
7 مفارقة جرير بن عبد الله البجلي لمعاوية 115
8 نسب جرير وبعض أخباره 117
9 44 - ومن كلام له عليه السلام لما هرب مصقلة بن هبيرة الشيباني إلى معاوية 119
10 نسب بنى ناجية 120
11 نسب علي بن الجهم وطائفة من أخباره وشعره 122
12 نسب مصقلة بن هبيرة 127
13 خبر بني ناجية مع علي 127
14 قصة الخريت بن راشد الناجي وخروجه على علي 128
15 45 - من خطبة له عليه السلام في الزهد وتعظيم الله وتصغير أمر الدنيا 152
16 فصل بلاغي في الموازنة والسجع 153
17 نبذ من كلام الحكماء في مدح القناعة وذم الطمع 154
18 46 - من كلام له عليه السلام عن عزمه على المسير إلى الشام 165
19 أدعية على عند خروجه من الكوفة لحرب معاوية 166
20 كلام علي حين نزل بكربلاء 169
21 كلامه لأصحابه وكتبه إلى عماله 171
22 كتاب محمد بن أبي بكر إلى معاوية وجوابه عليه 188
23 47 - من كلام له عليه السلام في ذكر الكوفة \ 197
24 فصل في ذكر فضل الكوفة 198
25 48 - من خطبة له عليه السلام عند المسير إلى الشام 200
26 أخبار علي في جيشه وهو في طريقه إلى صفين 202
27 49 - من خطبة له في تمجيد الله سبحانه وتمجيده 216
28 فصول في العلم الإلهي: 217
29 الفصل الأول وهو الكلام على كونه تعالى عالما بالأمور الخفية 218
30 الفصل الثاني في تفسير قوله عليه السلام: " ودلت عليه أعلام الظهور " 221
31 الفصل الثالث في أن هويته تعالى غير هوية البشر 222
32 الفصل الرابع في نفي التشبيه عنه تعالى 223
33 الفصل الخامس في بيان أن الجاحد له مكابر بلسانه ومثبت له بقلبه 238
34 50 - من خطبة له عليه السلام يصف وقوع الفتن 240
35 51 - من كلام له عليه السلام لما غلب أصحاب معاوية أصحابه عليه السلام على شريعة الفرات بصفين ومنعوهم من الماء 244
36 الأشعار الواردة في الإباء والأنف من احتمال الضيم 245
37 أباة الضيم وأخباره 249
38 غلبة معاوية على الماء بصفين ثم غلبة علي عليه بعد ذلك 312
39 52 - من خطبة له في وصف الدنيا ما قيل من الأشعار في ذم الدنيا 335