شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٣ - الصفحة ٢٤٩
وإلا حساما يبهر العين لمحه * كصاعقة في عارض قد تبسما * * * [أباة الضيم وأخبارهم] سيد أهل الاباء، الذي علم الناس الحمية والموت تحت ظلال السيوف، اختيارا له على الدنية، أبو عبد الله الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام، عرض عليه الأمان وأصحابه، فأنف من الذل، وخاف من ابن زياد أن يناله بنوع من الهوان، إن لم يقتله، فاختار الموت على ذلك.
وسمعت النقيب أبا زيد يحيى بن زيد العلوي البصري، يقول: كان أبيات أبى تمام في محمد بن حميد الطائي (1) ما قيلت إلا في الحسين عليه السلام:
وقد كان فوت الموت سهلا فرده * إليه الحفاظ المر والخلق الوعر ونفس تعاف الضيم حتى كأنه * هو الكفر يوم الروع أو دونه الكفر فأثبت في مستنقع الموت رجله * وقال لها: من تحت أخمصك الحشر تردى ثياب الموت حمرا فما أتى * لها الليل إلا وهي من سندس خضر لما فر أصحاب مصعب عنه، وتخلف في نفر يسير من أصحابه، كسر جفن سيفه، وأنشد:
فإن الألى بالطف من آل هاشم * تأسوا فسنوا للكرام التأسيا (2) فعلم أصحابه أنه قد استقتل.
ومن كلام الحسين عليه السلام يوم الطف، المنقول عنه، نقله عنه زين العابدين على ابنه عليه السلام: (ألا وإن الدعي بن الدعي، قد خيرنا بين اثنتين: السلة (3)

(١) ديوانه ٣٦٨ - طبع بيروت.
(٢) لسليمان بن قتة الكامل ١: ١٤، والطف: من ضاحية الكوفة، كان فيها مقتل الحسين عليه السلام (3) السل: انتزاعك الشئ وإخراجك إياه في رفق، وعند السلة، أي عند استلال السيوف.
(٢٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 244 245 246 247 248 249 250 251 252 253 254 ... » »»
الفهرست