فلما شهد عليه بذلك جلده الحد وصرفه. وقد روى مثله عن عمر، فإنه ولى قدامة بن مظعون بعض أعماله، فشهدوا عليه بشرب الخمر، أشخصه وجلده الحد، فإذا عد ذلك في فضائل عمر لم يجز أن يعد ما ذكروه في الوليد من معايب عثمان. ويقال: إنه لما أشخصه أقام عليه الحد بمشهد أمير المؤمنين عليه السلام.
وقد اعتذر من عزله سعد بن أبي وقاص بالوليد، بأن سعدا شكاه أهل الكوفة، فأداه اجتهاده إلى عزله بالوليد.
فأما سعيد بن العاص فإنه عزله عن الكوفة وولى مكانه أبا موسى، وكذلك عبد الله ابن أبي سرح عزله وولى مكانه محمد بن أبي بكر، ولم يظهر له من مروان ما يوجب أن يصرفه عما كان مستعملا فيه، ولو كان ذلك طعنا لوجب مثله في كل من ولى، وقد علمنا أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولى الوليد بن عقبة، فحدث منه ما حدث. وحدث من بعض أمراء أمير المؤمنين عليه السلام الخيانة، كالقعقاع بن شور، لأنه ولاه على ميسان (1) فأخذ مالها ولحق بمعاوية، وكذلك فعل الأشعث بن قيس بمال أذربيجان. وولى أبا موسى الحكم، فكان منه ما كان، ولا يجب أن يعاب أحد بفعل غيره، وإذا لم يلحقه عيب في ابتداء ولايته فقد زال العيب فيما بعده.
وقولهم: إنه قسم أكثر الولايات في أقاربه، وزال عن طريقة الاحتياط للمسلمين، وقد كان عمر حذره من ذلك، فليس بعيب، لان تولية الأقارب كتولية الأباعد، في أنه يحسن إذا كانوا على صفات مخصوصة. ولو قيل إن تقديمهم أولى لم يمتنع، إذا كان المولى لهم أشد تمكنا من عزلهم، والاستبدال بهم، وقد ولى أمير المؤمنين عليه السلام عبد الله بن العباس البصرة، وعبيد الله بن العباس اليمن، وقثم بن العباس مكة، حتى قال مالك الأشتر عند ذلك: