شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٣ - الصفحة ٢٢
كادوا يخلعون عثمان، فاضطر حينئذ إلى إجابتهم إلى ولاية أبى موسى، فلم يصرف سعيدا مختارا، بل ما صرفه جملة، وإنما صرفه أهل الكوفة عنهم (1).
فأما قوله: إنه أنكر الكتاب المتضمن لقتل محمد بن أبي بكر وأصحابه، وحلف على أن الكتاب ليس بكتابه، ولا الغلام غلامه، ولا الراحلة راحلته، وأن أمير المؤمنين عليه السلام قبل عذره، فأول ما فيه أنه حكى القصة بخلاف ما جرت عليه، لان جميع من يروى هذه القصة ذكر أنه اعترف بالخاتم والغلام والراحلة، وإنما أنكر أن يكون أمر بالكتابة، لأنه روى أن القوم لما ظفروا بالكتاب قدموا المدينة، فجمعوا أمير المؤمنين عليه السلام وطلحة والزبير وسعدا وجماعة الأصحاب، ثم فكوا الكتاب بمحضر منهم، وأخبروهم بقصة الغلام، فدخلوا على عثمان والكتاب مع أمير المؤمنين، فقال له: أهذا الغلام غلامك؟
قال: نعم، قال: والبعير بعيرك؟ قال: نعم، قال: أفأنت كتبت هذا الكتاب؟ قال: لا، وحلف بالله أنه ما كتب الكتاب، ولا أمر به، فقال له: فالخاتم خاتمك؟ قال: نعم، قال: فكيف يخرج غلامك على بعيرك بكتاب عليه خاتمك، ولا تعلم به!
وفي رواية أخرى أنه لما واقفه عليه، قال عثمان: أما الخط فخط كاتبي، وأما الخاتم فعلى (2) خاتمي، قال: فمن تتهم؟ قال: أتهمك وأتهم كاتبي، فخرج أمير المؤمنين عليه السلام مغضبا، وهو يقول: بل بأمرك، ولزم داره، وبعد عن توسط أمره، حتى جرى عليه ما جرى.
وأعجب الأمور قوله لأمير المؤمنين عليه السلام: (إني أتهمك) وتظاهره بذلك وتلقيه إياه في وجهه بهذا القول، مع بعده من التهمة والظنة في كل شئ، وفي أمره خاصة، فإن القوم في الدفعة الأولى أرادوا أن يعجلوا له ما أخبروه، حتى قام أمير المؤمنين عليه السلام بأمره وتوسطه وأصلحه، وأشار عليه بأن يقاربهم ويعينهم، حتى انصرفوا عنه، وهذا

(1) ساقطة من ا، ج، وهي في ب و الشافي.
(2) ا: (فهو).
(٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 بقية رد المرتضى على ما أرده القاضي عبد الجبار من الدفاع عن عثمان 4
2 ذكر المطاعن التي طعن بها على عثمان والرد عليها 11
3 بيعة جرير بن عبد الله البجلي لعلي 70
4 بيعة الأشعث لعلي 73
5 دعوة علي معاوية إلى البيعة والطاعة ورد معاوية عليه 74
6 أخبار متفرقة 91
7 مفارقة جرير بن عبد الله البجلي لمعاوية 115
8 نسب جرير وبعض أخباره 117
9 44 - ومن كلام له عليه السلام لما هرب مصقلة بن هبيرة الشيباني إلى معاوية 119
10 نسب بنى ناجية 120
11 نسب علي بن الجهم وطائفة من أخباره وشعره 122
12 نسب مصقلة بن هبيرة 127
13 خبر بني ناجية مع علي 127
14 قصة الخريت بن راشد الناجي وخروجه على علي 128
15 45 - من خطبة له عليه السلام في الزهد وتعظيم الله وتصغير أمر الدنيا 152
16 فصل بلاغي في الموازنة والسجع 153
17 نبذ من كلام الحكماء في مدح القناعة وذم الطمع 154
18 46 - من كلام له عليه السلام عن عزمه على المسير إلى الشام 165
19 أدعية على عند خروجه من الكوفة لحرب معاوية 166
20 كلام علي حين نزل بكربلاء 169
21 كلامه لأصحابه وكتبه إلى عماله 171
22 كتاب محمد بن أبي بكر إلى معاوية وجوابه عليه 188
23 47 - من كلام له عليه السلام في ذكر الكوفة \ 197
24 فصل في ذكر فضل الكوفة 198
25 48 - من خطبة له عليه السلام عند المسير إلى الشام 200
26 أخبار علي في جيشه وهو في طريقه إلى صفين 202
27 49 - من خطبة له في تمجيد الله سبحانه وتمجيده 216
28 فصول في العلم الإلهي: 217
29 الفصل الأول وهو الكلام على كونه تعالى عالما بالأمور الخفية 218
30 الفصل الثاني في تفسير قوله عليه السلام: " ودلت عليه أعلام الظهور " 221
31 الفصل الثالث في أن هويته تعالى غير هوية البشر 222
32 الفصل الرابع في نفي التشبيه عنه تعالى 223
33 الفصل الخامس في بيان أن الجاحد له مكابر بلسانه ومثبت له بقلبه 238
34 50 - من خطبة له عليه السلام يصف وقوع الفتن 240
35 51 - من كلام له عليه السلام لما غلب أصحاب معاوية أصحابه عليه السلام على شريعة الفرات بصفين ومنعوهم من الماء 244
36 الأشعار الواردة في الإباء والأنف من احتمال الضيم 245
37 أباة الضيم وأخباره 249
38 غلبة معاوية على الماء بصفين ثم غلبة علي عليه بعد ذلك 312
39 52 - من خطبة له في وصف الدنيا ما قيل من الأشعار في ذم الدنيا 335