كادوا يخلعون عثمان، فاضطر حينئذ إلى إجابتهم إلى ولاية أبى موسى، فلم يصرف سعيدا مختارا، بل ما صرفه جملة، وإنما صرفه أهل الكوفة عنهم (1).
فأما قوله: إنه أنكر الكتاب المتضمن لقتل محمد بن أبي بكر وأصحابه، وحلف على أن الكتاب ليس بكتابه، ولا الغلام غلامه، ولا الراحلة راحلته، وأن أمير المؤمنين عليه السلام قبل عذره، فأول ما فيه أنه حكى القصة بخلاف ما جرت عليه، لان جميع من يروى هذه القصة ذكر أنه اعترف بالخاتم والغلام والراحلة، وإنما أنكر أن يكون أمر بالكتابة، لأنه روى أن القوم لما ظفروا بالكتاب قدموا المدينة، فجمعوا أمير المؤمنين عليه السلام وطلحة والزبير وسعدا وجماعة الأصحاب، ثم فكوا الكتاب بمحضر منهم، وأخبروهم بقصة الغلام، فدخلوا على عثمان والكتاب مع أمير المؤمنين، فقال له: أهذا الغلام غلامك؟
قال: نعم، قال: والبعير بعيرك؟ قال: نعم، قال: أفأنت كتبت هذا الكتاب؟ قال: لا، وحلف بالله أنه ما كتب الكتاب، ولا أمر به، فقال له: فالخاتم خاتمك؟ قال: نعم، قال: فكيف يخرج غلامك على بعيرك بكتاب عليه خاتمك، ولا تعلم به!
وفي رواية أخرى أنه لما واقفه عليه، قال عثمان: أما الخط فخط كاتبي، وأما الخاتم فعلى (2) خاتمي، قال: فمن تتهم؟ قال: أتهمك وأتهم كاتبي، فخرج أمير المؤمنين عليه السلام مغضبا، وهو يقول: بل بأمرك، ولزم داره، وبعد عن توسط أمره، حتى جرى عليه ما جرى.
وأعجب الأمور قوله لأمير المؤمنين عليه السلام: (إني أتهمك) وتظاهره بذلك وتلقيه إياه في وجهه بهذا القول، مع بعده من التهمة والظنة في كل شئ، وفي أمره خاصة، فإن القوم في الدفعة الأولى أرادوا أن يعجلوا له ما أخبروه، حتى قام أمير المؤمنين عليه السلام بأمره وتوسطه وأصلحه، وأشار عليه بأن يقاربهم ويعينهم، حتى انصرفوا عنه، وهذا