(٥٠) ومن خطبة له عليه السلام:
الأصل:
إنما بدء وقوع الفتن أهواء تتبع، وأحكام تبتدع، يخالف فيها كتاب الله، ويتولى عليها رجال رجالا، على غير دين الله، فلو أن الباطل خلص من مزاج الحق لم يخف على المرتادين، ولو أن الحق خلص من لبس الباطل، انقطعت عنه ألسن المعاندين، ولكن يؤخذ من هذا ضغث ومن هذا ضغث، فيمزجان، فهنالك يستولي الشيطان على أوليائه، وينجو الذين سبقت لهم من الله الحسنى.
الشرح:
المرتاد: الطالب. والضغث من الحشيش: القبضة منه، قال الله تعالى: ﴿وخذ بيدك ضغثا﴾ (1).
يقول عليه السلام: إن المذاهب الباطلة والآراء الفاسدة التي يفتتن الناس بها، أصلها اتباع الأهواء، وابتداع (2) الاحكام التي لم تعرف يخالف فيها الكتاب، وتحمل العصبية والهوى على تولى أقوام قالوا بها، على غير وثيقة من الدين. ومستند وقوع هذه الشبهات امتزاج الحق بالباطل في النظر الذي هو الطريق إلى استعلام المجهولات، فلو أن النظر تخلص مقدماته وترتب قضاياه من قضايا باطلة، لكان الواقع عنه هو العلم المحض، وانقطع عنه ألسن المخالفين، وكذلك لو كان النظر تخلص مقدماته من قضايا صحيحة، بأن كان كله مبنيا