قال رحمة الله تعالى: فأما قوله: إن الصحابة كانت بين فريقين: من نصره (1) كزيد بن ثابت وابن عمر وفلان وفلان، والباقون ممتنعون انتظارا لزوال العارض ولأنه ما ضيق عليهم الامر في الدفع عنه، فعجيب، لأن الظاهر أن أنصاره هم الذين كانوا معه في الدار، يقاتلون عنه (2)، ويدفعون الهاجمين عليه.
فأما من كان في منزله ما أغنى عنه فتيلا، فلا يعد ناصرا، وكيف يجوز ممن أراد نصرته وكان معتقدا لصوابه، وخطأ المطالبين له بالخلع، أن يتوقف عن النصرة طلبا لزوال العارض! وهل تراد النصرة إلا لدفع العارض، وبعد زواله لا حاجة إليها! وليس يحتاج في نصرته إلى أن يضيق هو عليهم الامر فيها، بل من كان معتقدا لها لا يحتاج حمله إلى إذنه فيها، ولا يحفل بنهيه عنها، لان المنكر مما قد تقدم أمر الله تعالى بالنهي عنه، فليس يحتاج في إنكاره إلى أمر غيره.
قال: فأما زيد بن ثابت، فقد روى ميله إلى عثمان، وما يغنى ذلك وبإزائه جميع المهاجرين والأنصار! ولميله إليه سبب معروف، فإن الواقدي روى في،، كتاب الدار،، أن مروان بن الحكم لما حصر عثمان الحصر الأخير أتى زيد بن ثابت فاستصحبه إلى عائشة ليكلمها في هذا الامر، فمضيا إليها وهي عازمة على الحج، فكلماها في أن تقيم وتذب عنه، فأقبلت على زيد بن ثابت، فقالت: وما منعك يا بن ثابت ولك الأساويف قد اقتطعكها (3) عثمان، ولك كذا وكذا، وأعطاك عثمان من بيت المال عشرة آلاف دينار! قال زيد: فلم أرجع عليها حرفا واحدا، وأشارت إلى مروان بالقيام، فقام مروان وهو يقول: