كانت الحال متماسكة، وكان ينهى عن إنجاده وإعانته بالحرب امتنعوا وتوقفوا، وحيث اشتد الامر أعانه ونصره من أدركه، دون من لم يغلب ذلك في ظنه.
* * * اعترض المرتضى رحمه الله تعالى هذا الكلام، فقال (1): أما قوله: لم يكن عالما بحال الفسقة الذين ولاهم قبل الولاية، فلا تعويل عليه، لأنه لم يول هؤلاء النفر إلا وحالهم مشهورة في الخلاعة والمجانة والتجرم والتهتك، ولم يختلف اثنان في أن الوليد بن عقبة لم يستأنف التظاهر بشرب الخمر والاستخفاف بالدين على استقبال ولايته للكوفة، بل هذه كانت سنته والعادة المعروفة منه، وكيف يخفى على عثمان - وهو قريبه ولصيقه وأخوه لامه - من حاله ما لا يخفى على الأجانب الأباعد! ولهذا قال له سعد بن أبي وقاص - في رواية الواقدي، وقد دخل الكوفة -: يا أبا وهب (2)، أمير أم زائر؟ قال: بل أمير، فقال سعد: ما أدرى أحمقت بعدك أم كست (3) بعدي! قال: ما حمقت بعدي ولا كست بعدك، ولكن القوم ملكوا فاستأثروا (4) فقال سعد: ما أراك إلا صادقا.
وفي رواية أبى مخنف لوط بن يحيى الأزدي أن الوليد لما دخل الكوفة مر على مجلس عمرو بن زرارة النخعي، فوقف، فقال عمرو: يا معشر بنى أسد، بئسما استقبلنا به أخوكم ابن عفان! أمن عدله أن ينزع عنا ابن أبي وقاص، الهين اللين السهل القريب، ويبعث بدله أخاه الوليد، الأحمق الماجن الفاجر قديما وحديثا! واستعظم الناس مقدمه، وعزل سعد به، وقالوا: أراد عثمان كرامة أخيه بهوان أمة محمد صلى الله عليه! وهذا تحقيق ما ذكرناه من أن حاله كانت مشهورة قبل الولاية، لا ريب فيها عند أحد، فكيف