وصدر الكلام مروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسانيد الصحيحة، وختمه أمير المؤمنين عليه السلام وتممه بقوله: (ولا يجمعهما غيرك)، وهو الصحيح، لان من يستصحب لا يكون مستخلفا، فإنه مستحيل أن يكون الشئ الواحد في المكانين مقيما وسائرا، وإنما تصح هذه القضية في الأجسام، لان الجسم الواحد لا يكون في جهتين في وقت واحد، فأما ما ليس بجسم وهو البارئ سبحانه، فإنه في كل مكان، لا على معنى أن ذاته ليست مكانية، وإنما المراد علمه وإحاطته ونفوذ حكمه وقضائه وقدره، فقد صدق عليه السلام أنه المستخلف وأنه المستصحب، وأن الامرين مجتمعان له جل اسمه.
وهذا الدعاء دعا به أمير المؤمنين عليه السلام بعد وضع رجله في الركاب، من منزله بالكوفة متوجها إلى الشام لحرب معاوية وأصحابه، ذكره نصر بن مزاحم في كتاب ،، صفين (1)،، وذكره غيره أيضا من رواة السيرة.
* * * [أدعية على عند خروجه من الكوفة لحرب معاوية] قال نصر: لما وضع علي عليه السلام رجله في ركاب دابته يوم خرج من الكوفة إلى صفين، قال: بسم الله، فلما جلس على ظهرها، قال: (سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين * وإنا إلى ربنا لمنقلبون)، (2) اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر...
إلى آخر الفصل. وزاد فيه نصر: (ومن الحيرة بعد اليقين). قال: ثم خرج أمامه الحر بن سهم بن طريف، وهو يرتجز ويقول:
يا فرسي سيرى وأمي الشاما * وقطعي الحزون والاعلاما (3) ونابذي من خالف الاماما * إني لأرجو إن لقينا العاما