لم يحام عنه ولا كذب الشهود عليه وكابرهم، بل عزله مختارا غير مضطر، وكل هذا لم يجر في أمراء عثمان، وقد بينا كيف كان عزل الوليد وإقامة الحد عليه.
فأما أبو موسى فإن أمير المؤمنين عليه السلام لم يوله الحكم مختارا، لكنه غلب على رأيه وقهر على أمره، ولا رأى لمقهور.
فأما قوله: إن ولاية الأقارب كولاية الأباعد، (1) بل الأقارب أولى من، حيث كان التمكن من عزلهم أشد. وذكر تولية أمير المؤمنين عليه السلام (2) أولاد العباس رحمه الله تعالى وغيرهم - فليس بشئ، لان عثمان لم ينقم عليه تولية الأقارب من حيث كانوا أقارب، بل من حيث كانوا أهل بيت الظنة والتهمة، ولهذا حذره عمر وأشعر بأنه يحملهم على رقاب الناس. وأمير المؤمنين عليه السلام لم يول من أقاربه متهما ولا ظنينا، وحين أحس من ابن العباس ببعض الريبة لم يمهله ولا احتمله، وكاتبه بما هو شائع ظاهر، ولو لم يجب على عثمان أن يعدل عن ولاية أقاربه إلا من حيث جعل عمر ذلك سبب عدوله عن النص عليه، وشرط عليه يوم الشورى ألا يحمل أقاربه على رقاب الناس، ولا يؤثرهم لمكان القرابة بما لا يؤثر به غيرهم - لكان صارفا قويا، فضلا عن أن ينضاف إلى ذلك ما انضاف من خصالهم الذميمة وطرائقهم القبيحة.
فأما سعيد بن أبي العاص، فإنه قال في الكوفة: إنما السواد بستان لقريش، تأخذ منه ما شاءت وتترك، حتى قالوا له: أتجعل ما أفاء الله علينا بستانا لك ولقومك! ونابذوه، وأفضى الامر إلى تسييره من سير عن الكوفة، والقصة مشهورة، ثم انتهى الامر إلى منع أهل الكوفة سعيدا من دخولها، وتكلموا فيه وفي عثمان كلاما ظاهرا، حتى