ذلك فلا يمكن من لم يره بعينه أن ينكره، لدلالة كل شئ عليه، بل لدلالته سبحانه على نفسه.
ثم قال: (ولا قلب من أثبته يبصره)، أي لا سبيل لمن أثبت وجوده أن يحيط علما بجميع أحواله ومعلوماته ومصنوعاته، أو أراد أنه لا تعلم حقيقة ذاته، كما قاله قوم من المحققين.
وقد روى هذا الكلام على وجه آخر، قالوا (1) في الخطبة: (فلا قلب من لم يره ينكره، ولا عين من أثبته تبصره)، وهذا غير محتاج إلى تفسير لوضوحه.
وقوله عليه السلام: (فلا استعلاؤه باعده)، أي ليس علوة ولا قربه كما نعقله من العلو والقرب المكانيين، بل هو علو وقرب خارج من ذلك، فليس علوه يقتضى بعده بالمكان عن الأجسام، ولا قربه يقتضى مساواته إياها في الحاجة إلى المكان والجهة.
والباء في (به) متعلقة ب (ساواهم)، معناه: ولا قربه ساواهم به في الحاجة إلى المكان، أي لم يقتض قربه مماثلته ومساواته إياهم في ذلك.
* * * [فصول في العلم الإلهي] وهذا الفصل يشتمل على عدة مباحث من العلم الإلهي:
أولها: كونه تعالى عالما بالأمور الخفية.
والثاني: كونه تعالى مدلولا عليه بالأمور الظاهرة، يعنى أفعاله.
والثالث: أن هويته تعالى غير معلومة للبشر.
والرابع: نفى تشبيهه بشئ من مخلوقاته.