وقد روى (1) الواقدي أن الشهود لما شهدوا عليه في وجهه، وأراد عثمان أن يحده ألبسه جبة خز، وأدخله بيتا، فجعل إذا بعث إليه رجلا من قريش ليضربه، قال له الوليد: أنشدك الله أن تقطع رحمي وتغضب أمير المؤمنين! فلما رأى علي عليه السلام ذلك، أخذ السوط ودخل عليه، فجلده به. فأي عذر لعثمان في عزله وجلده بعد هذه الممانعة الطويلة، والمدافعة الشديدة!
وقصة الوليد - مع الساحر الذي كان يلعب بين يديه، ويغر الناس بمكره وخديعته، وأن جندب بن عبد الله الأزدي امتعض من ذلك ودخل عليه فقتله، وقال له: احي نفسك إن كنت صادقا، وأن الوليد أراد أن يقتل جندبا بالساحر، حتى أنكر الأزد ذلك عليه، فحبسه وطال حبسه حتى هرب من السجن - معروفة مشهورة.
فإن قيل: فقد ولى رسول الله صلى الله عليه وآله الوليد بن عقبة هذا صدقة بنى المصطلق، وولاه عمر صدقة تغلب، فكيف تدعون أن حاله في أنه لا يصلح للولاية ظاهرة!
قلنا: لا جرم، إنه غر رسول الله صلى الله عليه وآله، وكذب على القوم حتى نزلت فيه الآية التي قدمنا ذكرها، فعزله. وليس خطب ولاية الصدقة مثل خطب ولاية الكوفة، فأما عمر فإنه لما بلغه قوله:
إذا ما شددت الرأس منى بمشوذ * فويلك منى تغب ابنة وائل (2) عزله.
وأما عزل أمير المؤمنين عليه السلام بعض أمرائه لما ظهر من الحدث كالقعقاع ابن شور وغيره، وكذلك عزل عمر قدامة بن مظعون لما شهد عليه بشرب الخمر، وجلده له، فإنه لا يشبه ما تقدم، لان كل واحد ممن ذكرناه لم يول إلا من هو حسن الظاهر عنده وعند الناس، غير معروف باللعب ولا مشهور بالفساد. ثم لما ظهر منه ما ظهر