شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٣ - الصفحة ٢٠
وقد روى (1) الواقدي أن الشهود لما شهدوا عليه في وجهه، وأراد عثمان أن يحده ألبسه جبة خز، وأدخله بيتا، فجعل إذا بعث إليه رجلا من قريش ليضربه، قال له الوليد: أنشدك الله أن تقطع رحمي وتغضب أمير المؤمنين! فلما رأى علي عليه السلام ذلك، أخذ السوط ودخل عليه، فجلده به. فأي عذر لعثمان في عزله وجلده بعد هذه الممانعة الطويلة، والمدافعة الشديدة!
وقصة الوليد - مع الساحر الذي كان يلعب بين يديه، ويغر الناس بمكره وخديعته، وأن جندب بن عبد الله الأزدي امتعض من ذلك ودخل عليه فقتله، وقال له: احي نفسك إن كنت صادقا، وأن الوليد أراد أن يقتل جندبا بالساحر، حتى أنكر الأزد ذلك عليه، فحبسه وطال حبسه حتى هرب من السجن - معروفة مشهورة.
فإن قيل: فقد ولى رسول الله صلى الله عليه وآله الوليد بن عقبة هذا صدقة بنى المصطلق، وولاه عمر صدقة تغلب، فكيف تدعون أن حاله في أنه لا يصلح للولاية ظاهرة!
قلنا: لا جرم، إنه غر رسول الله صلى الله عليه وآله، وكذب على القوم حتى نزلت فيه الآية التي قدمنا ذكرها، فعزله. وليس خطب ولاية الصدقة مثل خطب ولاية الكوفة، فأما عمر فإنه لما بلغه قوله:
إذا ما شددت الرأس منى بمشوذ * فويلك منى تغب ابنة وائل (2) عزله.
وأما عزل أمير المؤمنين عليه السلام بعض أمرائه لما ظهر من الحدث كالقعقاع ابن شور وغيره، وكذلك عزل عمر قدامة بن مظعون لما شهد عليه بشرب الخمر، وجلده له، فإنه لا يشبه ما تقدم، لان كل واحد ممن ذكرناه لم يول إلا من هو حسن الظاهر عنده وعند الناس، غير معروف باللعب ولا مشهور بالفساد. ثم لما ظهر منه ما ظهر

(1) كذا في ا، ج، وفي ب والشافي: (وروى).
(2) اللسان 5: 31 وروايته: (والمشوذ: العمامة.
(٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 بقية رد المرتضى على ما أرده القاضي عبد الجبار من الدفاع عن عثمان 4
2 ذكر المطاعن التي طعن بها على عثمان والرد عليها 11
3 بيعة جرير بن عبد الله البجلي لعلي 70
4 بيعة الأشعث لعلي 73
5 دعوة علي معاوية إلى البيعة والطاعة ورد معاوية عليه 74
6 أخبار متفرقة 91
7 مفارقة جرير بن عبد الله البجلي لمعاوية 115
8 نسب جرير وبعض أخباره 117
9 44 - ومن كلام له عليه السلام لما هرب مصقلة بن هبيرة الشيباني إلى معاوية 119
10 نسب بنى ناجية 120
11 نسب علي بن الجهم وطائفة من أخباره وشعره 122
12 نسب مصقلة بن هبيرة 127
13 خبر بني ناجية مع علي 127
14 قصة الخريت بن راشد الناجي وخروجه على علي 128
15 45 - من خطبة له عليه السلام في الزهد وتعظيم الله وتصغير أمر الدنيا 152
16 فصل بلاغي في الموازنة والسجع 153
17 نبذ من كلام الحكماء في مدح القناعة وذم الطمع 154
18 46 - من كلام له عليه السلام عن عزمه على المسير إلى الشام 165
19 أدعية على عند خروجه من الكوفة لحرب معاوية 166
20 كلام علي حين نزل بكربلاء 169
21 كلامه لأصحابه وكتبه إلى عماله 171
22 كتاب محمد بن أبي بكر إلى معاوية وجوابه عليه 188
23 47 - من كلام له عليه السلام في ذكر الكوفة \ 197
24 فصل في ذكر فضل الكوفة 198
25 48 - من خطبة له عليه السلام عند المسير إلى الشام 200
26 أخبار علي في جيشه وهو في طريقه إلى صفين 202
27 49 - من خطبة له في تمجيد الله سبحانه وتمجيده 216
28 فصول في العلم الإلهي: 217
29 الفصل الأول وهو الكلام على كونه تعالى عالما بالأمور الخفية 218
30 الفصل الثاني في تفسير قوله عليه السلام: " ودلت عليه أعلام الظهور " 221
31 الفصل الثالث في أن هويته تعالى غير هوية البشر 222
32 الفصل الرابع في نفي التشبيه عنه تعالى 223
33 الفصل الخامس في بيان أن الجاحد له مكابر بلسانه ومثبت له بقلبه 238
34 50 - من خطبة له عليه السلام يصف وقوع الفتن 240
35 51 - من كلام له عليه السلام لما غلب أصحاب معاوية أصحابه عليه السلام على شريعة الفرات بصفين ومنعوهم من الماء 244
36 الأشعار الواردة في الإباء والأنف من احتمال الضيم 245
37 أباة الضيم وأخباره 249
38 غلبة معاوية على الماء بصفين ثم غلبة علي عليه بعد ذلك 312
39 52 - من خطبة له في وصف الدنيا ما قيل من الأشعار في ذم الدنيا 335