شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٣ - الصفحة ٢٣
فعل النصيح المشفق الحدب المتحنن، ولو كان عليه السلام - وحوشي من ذلك - متهما عليه لما كان للتهمة عليه مجال في أمر الكتاب خاصة، لان الكتاب بخط عدوه مروان (1)، وفي يد غلام عثمان، ومحمول على بعيره، ومختوم بخاتمه، فأي ظن تعلق بأمير المؤمنين عليه السلام في هذا المكان، لولا العداوة وقلة الشكر للنعمة!
ولقد قال له المصريون لما جحد أن يكون الكتاب كتابه شيئا لا زيادة عليه في باب الحجة، لأنهم قالوا له: إذا كنت ما كتبت ولا أمرت به، فأنت ضعيف، من حيث تم عليك أن يكتب كاتبك بما تختمه بخاتمك، وينفذه بيد غلامك وعلى بعيرك بغير أمرك، ومن تم عليه ذلك لا يصلح أن يكون واليا على أمور المسلمين. فاختلع عن الخلافة على كل حال.
قال: ولقد كان يجب على صاحب،، المغني،، أن يستحيى من قوله: إن أمير المؤمنين عليه السلام قبل عذره، وكيف يقبل عذر من يتهمه ويستغشه، وهو له ناصح! وما قاله أمير المؤمنين عليه السلام بعد سماع هذا القول منه معروف.
وقوله: إن الكتاب يجوز فيه التزوير، ليس بشئ، لأنه لا يجوز التزوير في الكتاب والغلام والبعير، وهذه الأمور إذا انضاف بعضها إلى بعض، بعد فيها التزوير، وقد كان يجب على كل حال أن يبحث عن القصة وعمن زور الكتاب، وأنفذ الرسول، ولا ينام عن ذلك، حتى يعرف من أين دهى، وكيف تمت الحيلة عليه، فيحترز من مثلها، ولا يغضي عن ذلك إغضاء ساتر له، خائف من بحثه وكشفه.
فأما قوله: إنه وإن غلب على الظن أن مروان كتب الكتاب، فإن الحكم بالظن لا يجوز، وتسليمه إلى القوم على ما سألوه إياه ظلم، لان الحد والأدب إذا وجب عليه، فالامام يقيمه دونهم، فتعلل بما لا يجدي، لأنا لا نعمل إلا على قوله في أنه لم يعلم أن

(1) الشافي: (بخط عدو الله وعدو رسوله وعدو أمير المؤمنين.
(٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 بقية رد المرتضى على ما أرده القاضي عبد الجبار من الدفاع عن عثمان 4
2 ذكر المطاعن التي طعن بها على عثمان والرد عليها 11
3 بيعة جرير بن عبد الله البجلي لعلي 70
4 بيعة الأشعث لعلي 73
5 دعوة علي معاوية إلى البيعة والطاعة ورد معاوية عليه 74
6 أخبار متفرقة 91
7 مفارقة جرير بن عبد الله البجلي لمعاوية 115
8 نسب جرير وبعض أخباره 117
9 44 - ومن كلام له عليه السلام لما هرب مصقلة بن هبيرة الشيباني إلى معاوية 119
10 نسب بنى ناجية 120
11 نسب علي بن الجهم وطائفة من أخباره وشعره 122
12 نسب مصقلة بن هبيرة 127
13 خبر بني ناجية مع علي 127
14 قصة الخريت بن راشد الناجي وخروجه على علي 128
15 45 - من خطبة له عليه السلام في الزهد وتعظيم الله وتصغير أمر الدنيا 152
16 فصل بلاغي في الموازنة والسجع 153
17 نبذ من كلام الحكماء في مدح القناعة وذم الطمع 154
18 46 - من كلام له عليه السلام عن عزمه على المسير إلى الشام 165
19 أدعية على عند خروجه من الكوفة لحرب معاوية 166
20 كلام علي حين نزل بكربلاء 169
21 كلامه لأصحابه وكتبه إلى عماله 171
22 كتاب محمد بن أبي بكر إلى معاوية وجوابه عليه 188
23 47 - من كلام له عليه السلام في ذكر الكوفة \ 197
24 فصل في ذكر فضل الكوفة 198
25 48 - من خطبة له عليه السلام عند المسير إلى الشام 200
26 أخبار علي في جيشه وهو في طريقه إلى صفين 202
27 49 - من خطبة له في تمجيد الله سبحانه وتمجيده 216
28 فصول في العلم الإلهي: 217
29 الفصل الأول وهو الكلام على كونه تعالى عالما بالأمور الخفية 218
30 الفصل الثاني في تفسير قوله عليه السلام: " ودلت عليه أعلام الظهور " 221
31 الفصل الثالث في أن هويته تعالى غير هوية البشر 222
32 الفصل الرابع في نفي التشبيه عنه تعالى 223
33 الفصل الخامس في بيان أن الجاحد له مكابر بلسانه ومثبت له بقلبه 238
34 50 - من خطبة له عليه السلام يصف وقوع الفتن 240
35 51 - من كلام له عليه السلام لما غلب أصحاب معاوية أصحابه عليه السلام على شريعة الفرات بصفين ومنعوهم من الماء 244
36 الأشعار الواردة في الإباء والأنف من احتمال الضيم 245
37 أباة الضيم وأخباره 249
38 غلبة معاوية على الماء بصفين ثم غلبة علي عليه بعد ذلك 312
39 52 - من خطبة له في وصف الدنيا ما قيل من الأشعار في ذم الدنيا 335