شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٣ - الصفحة ١٢٨
[قصة الخريت بن راشد الناجي وخروجه على على] قال ابن هلال الثقفي: وروى محمد بن عبد الله بن عثمان، عن أبي سيف، عن الحارث بن كعب الأزدي، عن عمه عبد الله بن قعين الأزدي، قال: كان (1) الخريت بن راشد الناجي، أحد بنى ناجية، قد شهد مع علي عليه السلام صفين، فجاء إلى علي عليه السلام بعد انقضاء صفين، وبعد تحكيم الحكمين في ثلاثين من أصحابه، يمشى بينهم حتى قام بين يديه، فقال: لا والله لا أطيع أمرك، ولا أصلى خلفك، وإني غدا لمفارق لك، فقال له: ثكلتك أمك! إذا تنقض عهدك، وتعصى ربك، ولا تضر إلا نفسك، أخبرني لم تفعل ذلك! قال: لأنك حكمت في الكتاب، وضعفت عن الحق إذ جد الجد، وركنت إلى القوم الذين ظلموا أنفسهم، فأنا عليك راد، وعليهم ناقم، ولكم جميعا مباين.
فقال له علي عليه السلام: ويحك! هلم إلى أدارسك وأناظرك في السنن، وأفاتحك أمورا من الحق أنا أعلم بها منك، فلعلك تعرف ما أنت الان له منكر، وتبصر ما أنت الان عنه عم وبه جاهل، فقال الخريت: فإني غاد عليك غدا. فقال علي عليه السلام: اغد ولا يستهوينك الشيطان، ولا يتقحمن بك رأى السوء، ولا يستخفنك الجهلاء الذين لا يعلمون، فوالله إن استرشدتني واستنصحتني وقبلت منى لأهدينك سبيل الرشاد.
فخرج الخريت من عنده منصرفا إلى أهله.
قال عبد الله بن قعين: فعجلت في أثره مسرعا، وكان لي من بنى عمه صديق، فأردت أن ألقى ابن عمه في ذلك، فأعلمه بما كان من قوله لأمير المؤمنين، وآمر ابن عمه أن يشتد بلسانه عليه، وأن يأمره بطاعة أمير المؤمنين ومناصحته، ويخبره أن ذلك خير له في عاجل الدنيا وآجل الآخرة.
قال: فخرجت حتى انتهيت إلى منزله - وقد سبقني - فقمت عند باب دار فيها رجال من أصحابه، لم يكونوا شهدوا معه دخوله على أمير المؤمنين عليه السلام، فوالله ما رجع

(١) وانظر الخبر أيضا في تاريخ الطبري ٥: ١١٣ وما بعدها.
(١٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 123 124 125 126 127 128 129 130 131 132 133 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 بقية رد المرتضى على ما أرده القاضي عبد الجبار من الدفاع عن عثمان 4
2 ذكر المطاعن التي طعن بها على عثمان والرد عليها 11
3 بيعة جرير بن عبد الله البجلي لعلي 70
4 بيعة الأشعث لعلي 73
5 دعوة علي معاوية إلى البيعة والطاعة ورد معاوية عليه 74
6 أخبار متفرقة 91
7 مفارقة جرير بن عبد الله البجلي لمعاوية 115
8 نسب جرير وبعض أخباره 117
9 44 - ومن كلام له عليه السلام لما هرب مصقلة بن هبيرة الشيباني إلى معاوية 119
10 نسب بنى ناجية 120
11 نسب علي بن الجهم وطائفة من أخباره وشعره 122
12 نسب مصقلة بن هبيرة 127
13 خبر بني ناجية مع علي 127
14 قصة الخريت بن راشد الناجي وخروجه على علي 128
15 45 - من خطبة له عليه السلام في الزهد وتعظيم الله وتصغير أمر الدنيا 152
16 فصل بلاغي في الموازنة والسجع 153
17 نبذ من كلام الحكماء في مدح القناعة وذم الطمع 154
18 46 - من كلام له عليه السلام عن عزمه على المسير إلى الشام 165
19 أدعية على عند خروجه من الكوفة لحرب معاوية 166
20 كلام علي حين نزل بكربلاء 169
21 كلامه لأصحابه وكتبه إلى عماله 171
22 كتاب محمد بن أبي بكر إلى معاوية وجوابه عليه 188
23 47 - من كلام له عليه السلام في ذكر الكوفة \ 197
24 فصل في ذكر فضل الكوفة 198
25 48 - من خطبة له عليه السلام عند المسير إلى الشام 200
26 أخبار علي في جيشه وهو في طريقه إلى صفين 202
27 49 - من خطبة له في تمجيد الله سبحانه وتمجيده 216
28 فصول في العلم الإلهي: 217
29 الفصل الأول وهو الكلام على كونه تعالى عالما بالأمور الخفية 218
30 الفصل الثاني في تفسير قوله عليه السلام: " ودلت عليه أعلام الظهور " 221
31 الفصل الثالث في أن هويته تعالى غير هوية البشر 222
32 الفصل الرابع في نفي التشبيه عنه تعالى 223
33 الفصل الخامس في بيان أن الجاحد له مكابر بلسانه ومثبت له بقلبه 238
34 50 - من خطبة له عليه السلام يصف وقوع الفتن 240
35 51 - من كلام له عليه السلام لما غلب أصحاب معاوية أصحابه عليه السلام على شريعة الفرات بصفين ومنعوهم من الماء 244
36 الأشعار الواردة في الإباء والأنف من احتمال الضيم 245
37 أباة الضيم وأخباره 249
38 غلبة معاوية على الماء بصفين ثم غلبة علي عليه بعد ذلك 312
39 52 - من خطبة له في وصف الدنيا ما قيل من الأشعار في ذم الدنيا 335