بذل لهم ما أرادوه، وأعتبهم (1) وأشهد على نفسه بذلك، وإن الكتاب الموجود بعد ذلك المتضمن لقتل القوم، ووقف عليه - وممن أوقفه عليه أمير المؤمنين عليه السلام (2) - فحلف أنه ما كتبه، ولا أمر به، فقال له: فمن تتهم؟ قال: ما أتهم أحدا، وإن للناس لحيلا.
والرواية ظاهرة أيضا بقوله: إن كنت أخطأت أو تعمدت فإني تائب ومستغفر، فكيف يجوز والحال هذه أن تهتك فيه حرمة الاسلام وحرمة البلد الحرام! ولا شبهة في أن القتل على وجه الغيلة لا يحل فيمن يستحق القتل، فكيف فيمن لا يستحقه! ولولا أنه كان يمنع من محاربة القوم ظنا منه أن ذلك يؤدى إلى القتل الذريع لكثر أنصاره.
وقد جاء في الرواية أن الأنصار بدأت معونته ونصرته، وأن أمير المؤمنين عليه السلام قد بعث إليه ابنه الحسن عليه السلام، فقال له: قل لأبيك فلتأتني، فأراد أمير المؤمنين عليه السلام المصير إليه، فمنعه من ذلك محمد ابنه، واستعان بالنساء عليه، حتى جاء الصريخ (3) بقتل عثمان، فمد يده إلى القبلة، وقال: اللهم إني أبرأ إليك من دم عثمان.
فإن قالوا: إنهم اعتقدوا أنه من المفسدين في الأرض، وأنه داخل تحت آية المحاربين.
قيل: فقد كان يجب أن يتولى الامام هذا الفعل، لان ذلك يجرى مجرى الحد، وكيف يدعى ذلك، والمشهور عنه أنه كان يمنع من مقاتلتهم، حتى روى أنه قال لعبيده ومواليه، وقد هموا بالقتال: من أغمد سيفه فهو حر! ولقد كان مؤثرا لنكير ذلك الامر بما لا يؤدى إلى إراقة الدماء والفتنة، ولذلك لم يستعن بأصحاب الرسول صلى الله عليه وآله وإن كان لما اشتد الامر، أعانه من أعان، لان عند ذلك تجب النصرة والمعونة، فحيث