شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٣ - الصفحة ١٦
بذل لهم ما أرادوه، وأعتبهم (1) وأشهد على نفسه بذلك، وإن الكتاب الموجود بعد ذلك المتضمن لقتل القوم، ووقف عليه - وممن أوقفه عليه أمير المؤمنين عليه السلام (2) - فحلف أنه ما كتبه، ولا أمر به، فقال له: فمن تتهم؟ قال: ما أتهم أحدا، وإن للناس لحيلا.
والرواية ظاهرة أيضا بقوله: إن كنت أخطأت أو تعمدت فإني تائب ومستغفر، فكيف يجوز والحال هذه أن تهتك فيه حرمة الاسلام وحرمة البلد الحرام! ولا شبهة في أن القتل على وجه الغيلة لا يحل فيمن يستحق القتل، فكيف فيمن لا يستحقه! ولولا أنه كان يمنع من محاربة القوم ظنا منه أن ذلك يؤدى إلى القتل الذريع لكثر أنصاره.
وقد جاء في الرواية أن الأنصار بدأت معونته ونصرته، وأن أمير المؤمنين عليه السلام قد بعث إليه ابنه الحسن عليه السلام، فقال له: قل لأبيك فلتأتني، فأراد أمير المؤمنين عليه السلام المصير إليه، فمنعه من ذلك محمد ابنه، واستعان بالنساء عليه، حتى جاء الصريخ (3) بقتل عثمان، فمد يده إلى القبلة، وقال: اللهم إني أبرأ إليك من دم عثمان.
فإن قالوا: إنهم اعتقدوا أنه من المفسدين في الأرض، وأنه داخل تحت آية المحاربين.
قيل: فقد كان يجب أن يتولى الامام هذا الفعل، لان ذلك يجرى مجرى الحد، وكيف يدعى ذلك، والمشهور عنه أنه كان يمنع من مقاتلتهم، حتى روى أنه قال لعبيده ومواليه، وقد هموا بالقتال: من أغمد سيفه فهو حر! ولقد كان مؤثرا لنكير ذلك الامر بما لا يؤدى إلى إراقة الدماء والفتنة، ولذلك لم يستعن بأصحاب الرسول صلى الله عليه وآله وإن كان لما اشتد الامر، أعانه من أعان، لان عند ذلك تجب النصرة والمعونة، فحيث

(1) أعتبهم: أرضاهم.
(2) عبارة الشافي: (وذكر أن أمير المؤمنين عليه السلام واقفه على الكتاب).
(3) الصريخ: المستغيث.
(١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 بقية رد المرتضى على ما أرده القاضي عبد الجبار من الدفاع عن عثمان 4
2 ذكر المطاعن التي طعن بها على عثمان والرد عليها 11
3 بيعة جرير بن عبد الله البجلي لعلي 70
4 بيعة الأشعث لعلي 73
5 دعوة علي معاوية إلى البيعة والطاعة ورد معاوية عليه 74
6 أخبار متفرقة 91
7 مفارقة جرير بن عبد الله البجلي لمعاوية 115
8 نسب جرير وبعض أخباره 117
9 44 - ومن كلام له عليه السلام لما هرب مصقلة بن هبيرة الشيباني إلى معاوية 119
10 نسب بنى ناجية 120
11 نسب علي بن الجهم وطائفة من أخباره وشعره 122
12 نسب مصقلة بن هبيرة 127
13 خبر بني ناجية مع علي 127
14 قصة الخريت بن راشد الناجي وخروجه على علي 128
15 45 - من خطبة له عليه السلام في الزهد وتعظيم الله وتصغير أمر الدنيا 152
16 فصل بلاغي في الموازنة والسجع 153
17 نبذ من كلام الحكماء في مدح القناعة وذم الطمع 154
18 46 - من كلام له عليه السلام عن عزمه على المسير إلى الشام 165
19 أدعية على عند خروجه من الكوفة لحرب معاوية 166
20 كلام علي حين نزل بكربلاء 169
21 كلامه لأصحابه وكتبه إلى عماله 171
22 كتاب محمد بن أبي بكر إلى معاوية وجوابه عليه 188
23 47 - من كلام له عليه السلام في ذكر الكوفة \ 197
24 فصل في ذكر فضل الكوفة 198
25 48 - من خطبة له عليه السلام عند المسير إلى الشام 200
26 أخبار علي في جيشه وهو في طريقه إلى صفين 202
27 49 - من خطبة له في تمجيد الله سبحانه وتمجيده 216
28 فصول في العلم الإلهي: 217
29 الفصل الأول وهو الكلام على كونه تعالى عالما بالأمور الخفية 218
30 الفصل الثاني في تفسير قوله عليه السلام: " ودلت عليه أعلام الظهور " 221
31 الفصل الثالث في أن هويته تعالى غير هوية البشر 222
32 الفصل الرابع في نفي التشبيه عنه تعالى 223
33 الفصل الخامس في بيان أن الجاحد له مكابر بلسانه ومثبت له بقلبه 238
34 50 - من خطبة له عليه السلام يصف وقوع الفتن 240
35 51 - من كلام له عليه السلام لما غلب أصحاب معاوية أصحابه عليه السلام على شريعة الفرات بصفين ومنعوهم من الماء 244
36 الأشعار الواردة في الإباء والأنف من احتمال الضيم 245
37 أباة الضيم وأخباره 249
38 غلبة معاوية على الماء بصفين ثم غلبة علي عليه بعد ذلك 312
39 52 - من خطبة له في وصف الدنيا ما قيل من الأشعار في ذم الدنيا 335