وقال ابن سينا: إن الطريقة الأولى وهي الاستدلال عليه بالوجود نفسه أعلى وأشرف، لأنه لم يحتج فيها إلى الاحتجاج بأمر خارج عن ذاته، واستنبط آية من الكتاب العزيز في هذا المعنى، وهي قوله تعالى: ﴿سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق﴾ (1).
قال ابن سينا: أقول: إن هذا حكم لقوم - يعنى المتكلمين وغيرهم، ممن يستدل عليه تعالى بأفعاله، وتمام الآية: (أو لم يكف بربك أنه على كل شئ شهيد) (1).
قال: هذا حكم الصديقين الذين يستشهدون به لا عليه، يعنى الذين استدلوا عليه بنفس الوجود، ولم يفتقروا إلى التعلق بأفعاله في إثبات ربوبيته.
* * * الفصل الثالث في أن هويته تعالى غير هوية البشر وذلك معنى قوله عليه السلام: (وامتنع على عين البصير)، وقوله: (ولا قلب من أثبته يبصره)، وقوله: (ولم يطلع العقول على تحديد صفته)، فنقول: إن جمهور المتكلمين زعموا أنا نعرف حقيقة ذات الاله، ولم يتحاشوا من القول بأنه تعالى لا يعلم من ذاته إلا ما نعلمه نحن منها.
وذهب ضرار (2) بن عمرو: أن لله تعالى ماهية لا يعلمها إلا هو، وهذا هو مذهب