والخامس: بيان أن الجاحد لاثباته مكابر بلسانه، وعارف به بقلبه.
ونحن نذكر القول في جميع ذلك على سبيل اقتصاص المذاهب والأقوال، ونحيل في البرهان على الحق من ذلك وبطلان شبه المخالفين فيه، على ما هو مذكور في كتبنا الكلامية، إذ ليس هذا الكتاب موضوعا لذلك، وإن كنا قد لا نخلي بعض فصوله من إشارة إلى الدليل موجزة، وتلويح إلى الشبهة لطيف، فنقول: أما * * * الفصل الأول وهو الكلم في كونه تعالى عالما بالأمور الخفية فاعلم أن أمير المؤمنين إنما قال: بطن خفيات الأمور) وهذا القدر من الكلام يقتضى كونه تعالى عالما، يعلم الأمور الخفية الباطنة، وهذا منقسم قسمين:
أحدهما: أن يعلم الأمور الخفية الحاضرة.
والثاني: أن يعلم الأمور الخفية المستقبلة.
والكلام من حيث إطلاقه يحتمل الامرين، فنحمله عليهما معا. فقد خالف في كل واحدة من المسألتين قوم، فمن الناس من نفى كونه عالما بالمستقبلات، ومن الناس من نفى كونه عالما بالأمور الحاضرة، سواء كانت خفية أو ظاهرة، وهذا يقتضينا (1) أن نشرح أقوال العقلاء في هذه المسائل، فنقول: إن الناس فيها على أقوال:
القول الأول: قول جمهور المتكلمين، وهو أن البارئ سبحانه يعلم كل معلوم:
الماضي والحاضر والمستقبل، ظاهرها وباطنها، ومحسوسها وغير محسوسها، فهو تعالى العالم بما كان وما هو حاضر، وما سيكون وما لم يكن، أن لو كان كيف كان يكون، كقوله