قال: وإنما أراد عثمان بالعفو عنه ما يعود إلى عز الدين، لأنه خاف أن يبلغ العدو قتله، فيقال: قتلوا إمامهم وقتلوا ولده ولا يعرفون الحال في ذلك فيكون فيه شماتة، وقد قال الشيخ أبو الحسين الخياط: إن عامة المهاجرين أجمعوا على أنه لا يقاد بالهرمزان، وقالوا لعثمان: هذا دم سفك في غير ولايتك، وليس له، ولى يطلب به وأمره إلى الامام، فاقبل منه الدية فذلك صلاح للمسلمين.
قال: ولم يثبت أن أمير المؤمنين عليه السلام كان يطلبه ليقتله بالهرمزان، لأنه لا يجوز قتل من عفا عنه ولى المقتول، وإنما كان يطلبه ليضع من قدره، ويصغر من شأنه.
قال: ويجوز أن يكون ما روى عن علي عليه السلام من أنه قال: لو كنت بدل عثمان لقتلته، يعنى أنه كان يرى ذلك أقوى في الاجتهاد، وأقرب إلى التشدد في دين الله سبحانه.
* * * اعترض المرتضى رحمه الله تعالى هذا الكلام، قال:
أما قوله: لم يكن للهرمزان ولى يطلب بدمه، فالامام يكون وليه، وله أن يعفو عنه، كما له أن يقتص، فليس بمعتمد، لان الهرمزان رجل من أهل فارس، ولم يكن له ولى حاضر يطالب بدمه، وقد كان الواجب أن يبذل الانصاف لأوليائه ويؤمنوا متى حضروا، حتى إنه لو كان له ولى يريد المطالبة حضر وطالب. ثم لو لم يكن له ولى لم يكن عثمان ولى دمه، لأنه قتل في أيام عمر، فصار عمر ولى دمه، وقد أوصى عمر على ما جاءت به الروايات الظاهرة بقتل ابنه عبيد الله إن لم تقم البينة العادلة على الهرمزان وجفينة، (1) أنهما أمرا أبا لؤلؤة غلام المغيرة بن شعبة بقتله، وكانت وصيته بذلك إلى أهل الشورى، فقال: أيكم ولى هذا الامر فليفعل كذا وكذا مما ذكرناه، فلما مات عمر، طلب المسلمون إلى عثمان إمضاء