شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٣ - الصفحة ٦٠
قال: وإنما أراد عثمان بالعفو عنه ما يعود إلى عز الدين، لأنه خاف أن يبلغ العدو قتله، فيقال: قتلوا إمامهم وقتلوا ولده ولا يعرفون الحال في ذلك فيكون فيه شماتة، وقد قال الشيخ أبو الحسين الخياط: إن عامة المهاجرين أجمعوا على أنه لا يقاد بالهرمزان، وقالوا لعثمان: هذا دم سفك في غير ولايتك، وليس له، ولى يطلب به وأمره إلى الامام، فاقبل منه الدية فذلك صلاح للمسلمين.
قال: ولم يثبت أن أمير المؤمنين عليه السلام كان يطلبه ليقتله بالهرمزان، لأنه لا يجوز قتل من عفا عنه ولى المقتول، وإنما كان يطلبه ليضع من قدره، ويصغر من شأنه.
قال: ويجوز أن يكون ما روى عن علي عليه السلام من أنه قال: لو كنت بدل عثمان لقتلته، يعنى أنه كان يرى ذلك أقوى في الاجتهاد، وأقرب إلى التشدد في دين الله سبحانه.
* * * اعترض المرتضى رحمه الله تعالى هذا الكلام، قال:
أما قوله: لم يكن للهرمزان ولى يطلب بدمه، فالامام يكون وليه، وله أن يعفو عنه، كما له أن يقتص، فليس بمعتمد، لان الهرمزان رجل من أهل فارس، ولم يكن له ولى حاضر يطالب بدمه، وقد كان الواجب أن يبذل الانصاف لأوليائه ويؤمنوا متى حضروا، حتى إنه لو كان له ولى يريد المطالبة حضر وطالب. ثم لو لم يكن له ولى لم يكن عثمان ولى دمه، لأنه قتل في أيام عمر، فصار عمر ولى دمه، وقد أوصى عمر على ما جاءت به الروايات الظاهرة بقتل ابنه عبيد الله إن لم تقم البينة العادلة على الهرمزان وجفينة، (1) أنهما أمرا أبا لؤلؤة غلام المغيرة بن شعبة بقتله، وكانت وصيته بذلك إلى أهل الشورى، فقال: أيكم ولى هذا الامر فليفعل كذا وكذا مما ذكرناه، فلما مات عمر، طلب المسلمون إلى عثمان إمضاء

(١) جفينة، كان نصرانيا من أهل الحيرة وكان ظئرا لسعد بن أبي وقاص، أقدمه إلى المدينة للصلح الذي بينه وبينهم، وليعلم بالمدينة الكتاب. تاريخ الطبري ٥: ٤٢.
(٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 بقية رد المرتضى على ما أرده القاضي عبد الجبار من الدفاع عن عثمان 4
2 ذكر المطاعن التي طعن بها على عثمان والرد عليها 11
3 بيعة جرير بن عبد الله البجلي لعلي 70
4 بيعة الأشعث لعلي 73
5 دعوة علي معاوية إلى البيعة والطاعة ورد معاوية عليه 74
6 أخبار متفرقة 91
7 مفارقة جرير بن عبد الله البجلي لمعاوية 115
8 نسب جرير وبعض أخباره 117
9 44 - ومن كلام له عليه السلام لما هرب مصقلة بن هبيرة الشيباني إلى معاوية 119
10 نسب بنى ناجية 120
11 نسب علي بن الجهم وطائفة من أخباره وشعره 122
12 نسب مصقلة بن هبيرة 127
13 خبر بني ناجية مع علي 127
14 قصة الخريت بن راشد الناجي وخروجه على علي 128
15 45 - من خطبة له عليه السلام في الزهد وتعظيم الله وتصغير أمر الدنيا 152
16 فصل بلاغي في الموازنة والسجع 153
17 نبذ من كلام الحكماء في مدح القناعة وذم الطمع 154
18 46 - من كلام له عليه السلام عن عزمه على المسير إلى الشام 165
19 أدعية على عند خروجه من الكوفة لحرب معاوية 166
20 كلام علي حين نزل بكربلاء 169
21 كلامه لأصحابه وكتبه إلى عماله 171
22 كتاب محمد بن أبي بكر إلى معاوية وجوابه عليه 188
23 47 - من كلام له عليه السلام في ذكر الكوفة \ 197
24 فصل في ذكر فضل الكوفة 198
25 48 - من خطبة له عليه السلام عند المسير إلى الشام 200
26 أخبار علي في جيشه وهو في طريقه إلى صفين 202
27 49 - من خطبة له في تمجيد الله سبحانه وتمجيده 216
28 فصول في العلم الإلهي: 217
29 الفصل الأول وهو الكلام على كونه تعالى عالما بالأمور الخفية 218
30 الفصل الثاني في تفسير قوله عليه السلام: " ودلت عليه أعلام الظهور " 221
31 الفصل الثالث في أن هويته تعالى غير هوية البشر 222
32 الفصل الرابع في نفي التشبيه عنه تعالى 223
33 الفصل الخامس في بيان أن الجاحد له مكابر بلسانه ومثبت له بقلبه 238
34 50 - من خطبة له عليه السلام يصف وقوع الفتن 240
35 51 - من كلام له عليه السلام لما غلب أصحاب معاوية أصحابه عليه السلام على شريعة الفرات بصفين ومنعوهم من الماء 244
36 الأشعار الواردة في الإباء والأنف من احتمال الضيم 245
37 أباة الضيم وأخباره 249
38 غلبة معاوية على الماء بصفين ثم غلبة علي عليه بعد ذلك 312
39 52 - من خطبة له في وصف الدنيا ما قيل من الأشعار في ذم الدنيا 335