عثمان، ومع ذلك لا يقيدهم بل ولا ينكر عليهم، وكان أهل الشام يصرحون بأن مع أمير المؤمنين قتله عثمان، ويجعلون ذلك من أو كد الشبه، ولا ينكر ذلك عليهم، مع أنا نعلم أن أمير المؤمنين عليه السلام لو أراد أن يتعاضد هو وأصحابه على المنع عنه لما وقع في حقه ما وقع، فصار كفه وكف غيره عن ذلك من أدل الدلائل على أنهم صدقوا عليه ما نسب إليه من الاحداث، وأنهم لم يقبلوا منه ما جعله عذرا.
وأجاب قاضى القضاة عن هذا، فقال:
أما تركه بعد القتل ثلاثة أيام لم يدفن فليس بثابت، ولو صح لكان طعنا على من لزمه القيام به، وقد قال شيخنا أبو علي رحمه الله تعالى: إنه لا يمتنع أن يشتغلوا بإبرام البيعة لأمير المؤمنين عليه السلام خوفا على الاسلام من الفتنة، فيؤخروا دفنه.
قال: وبعيد مع حضور قريش وقبائل العرب وسائر بنى أمية ومواليهم أن يترك عثمان ولا يدفن هذه المدة، وبعيد أن يكون أمير المؤمنين عليه السلام لا يتقدم بدفنه، ولو مات في جواره يهودي أو نصراني ولم يكن له من يواريه ما تركه أمير المؤمنين ألا يدفن، فكيف يجوز مثل ذلك في عثمان، وقد روى أنه دفن في تلك الليلة، وهذا هو الأولى.
فأما التعلق بأن الصحابة لم تنكر على القوم، ولا دفعت عنه، فقد سبق القول في ذلك، والصحيح عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه تبرأ من قتل عثمان، ولعن قتلته في البر والبحر والسهل والجبل، وإنما كان يجرى من جيشه هذا القول منه على جهة المجاز، لأنا نعلم أن جميع من كان يقول: نحن قتلناه لم يقتله، لان في الخبر أن العدد الكثير كانوا يصرحون بذلك، والذين دخلوا عليه وقتلوه اثنان أو ثلاثة، وإنما كانوا يقصدون بهذا القول، أي احسبوا أنا قتلناه فما لكم! وذلك أن الامام هو الذي يقوم بأمر القود، وليس للخارج عليه أن يطالب بذلك، ولم يكن لأمير المؤمنين عليه السلام أن يقتل قتلته لو عرفهم ببينة أو إقرار، وميزهم من غيرهم إلا عند مطالبة ولى الدم، والذين كانوا أولياء