شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٣ - الصفحة ٦٣
عثمان، ومع ذلك لا يقيدهم بل ولا ينكر عليهم، وكان أهل الشام يصرحون بأن مع أمير المؤمنين قتله عثمان، ويجعلون ذلك من أو كد الشبه، ولا ينكر ذلك عليهم، مع أنا نعلم أن أمير المؤمنين عليه السلام لو أراد أن يتعاضد هو وأصحابه على المنع عنه لما وقع في حقه ما وقع، فصار كفه وكف غيره عن ذلك من أدل الدلائل على أنهم صدقوا عليه ما نسب إليه من الاحداث، وأنهم لم يقبلوا منه ما جعله عذرا.
وأجاب قاضى القضاة عن هذا، فقال:
أما تركه بعد القتل ثلاثة أيام لم يدفن فليس بثابت، ولو صح لكان طعنا على من لزمه القيام به، وقد قال شيخنا أبو علي رحمه الله تعالى: إنه لا يمتنع أن يشتغلوا بإبرام البيعة لأمير المؤمنين عليه السلام خوفا على الاسلام من الفتنة، فيؤخروا دفنه.
قال: وبعيد مع حضور قريش وقبائل العرب وسائر بنى أمية ومواليهم أن يترك عثمان ولا يدفن هذه المدة، وبعيد أن يكون أمير المؤمنين عليه السلام لا يتقدم بدفنه، ولو مات في جواره يهودي أو نصراني ولم يكن له من يواريه ما تركه أمير المؤمنين ألا يدفن، فكيف يجوز مثل ذلك في عثمان، وقد روى أنه دفن في تلك الليلة، وهذا هو الأولى.
فأما التعلق بأن الصحابة لم تنكر على القوم، ولا دفعت عنه، فقد سبق القول في ذلك، والصحيح عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه تبرأ من قتل عثمان، ولعن قتلته في البر والبحر والسهل والجبل، وإنما كان يجرى من جيشه هذا القول منه على جهة المجاز، لأنا نعلم أن جميع من كان يقول: نحن قتلناه لم يقتله، لان في الخبر أن العدد الكثير كانوا يصرحون بذلك، والذين دخلوا عليه وقتلوه اثنان أو ثلاثة، وإنما كانوا يقصدون بهذا القول، أي احسبوا أنا قتلناه فما لكم! وذلك أن الامام هو الذي يقوم بأمر القود، وليس للخارج عليه أن يطالب بذلك، ولم يكن لأمير المؤمنين عليه السلام أن يقتل قتلته لو عرفهم ببينة أو إقرار، وميزهم من غيرهم إلا عند مطالبة ولى الدم، والذين كانوا أولياء
(٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 بقية رد المرتضى على ما أرده القاضي عبد الجبار من الدفاع عن عثمان 4
2 ذكر المطاعن التي طعن بها على عثمان والرد عليها 11
3 بيعة جرير بن عبد الله البجلي لعلي 70
4 بيعة الأشعث لعلي 73
5 دعوة علي معاوية إلى البيعة والطاعة ورد معاوية عليه 74
6 أخبار متفرقة 91
7 مفارقة جرير بن عبد الله البجلي لمعاوية 115
8 نسب جرير وبعض أخباره 117
9 44 - ومن كلام له عليه السلام لما هرب مصقلة بن هبيرة الشيباني إلى معاوية 119
10 نسب بنى ناجية 120
11 نسب علي بن الجهم وطائفة من أخباره وشعره 122
12 نسب مصقلة بن هبيرة 127
13 خبر بني ناجية مع علي 127
14 قصة الخريت بن راشد الناجي وخروجه على علي 128
15 45 - من خطبة له عليه السلام في الزهد وتعظيم الله وتصغير أمر الدنيا 152
16 فصل بلاغي في الموازنة والسجع 153
17 نبذ من كلام الحكماء في مدح القناعة وذم الطمع 154
18 46 - من كلام له عليه السلام عن عزمه على المسير إلى الشام 165
19 أدعية على عند خروجه من الكوفة لحرب معاوية 166
20 كلام علي حين نزل بكربلاء 169
21 كلامه لأصحابه وكتبه إلى عماله 171
22 كتاب محمد بن أبي بكر إلى معاوية وجوابه عليه 188
23 47 - من كلام له عليه السلام في ذكر الكوفة \ 197
24 فصل في ذكر فضل الكوفة 198
25 48 - من خطبة له عليه السلام عند المسير إلى الشام 200
26 أخبار علي في جيشه وهو في طريقه إلى صفين 202
27 49 - من خطبة له في تمجيد الله سبحانه وتمجيده 216
28 فصول في العلم الإلهي: 217
29 الفصل الأول وهو الكلام على كونه تعالى عالما بالأمور الخفية 218
30 الفصل الثاني في تفسير قوله عليه السلام: " ودلت عليه أعلام الظهور " 221
31 الفصل الثالث في أن هويته تعالى غير هوية البشر 222
32 الفصل الرابع في نفي التشبيه عنه تعالى 223
33 الفصل الخامس في بيان أن الجاحد له مكابر بلسانه ومثبت له بقلبه 238
34 50 - من خطبة له عليه السلام يصف وقوع الفتن 240
35 51 - من كلام له عليه السلام لما غلب أصحاب معاوية أصحابه عليه السلام على شريعة الفرات بصفين ومنعوهم من الماء 244
36 الأشعار الواردة في الإباء والأنف من احتمال الضيم 245
37 أباة الضيم وأخباره 249
38 غلبة معاوية على الماء بصفين ثم غلبة علي عليه بعد ذلك 312
39 52 - من خطبة له في وصف الدنيا ما قيل من الأشعار في ذم الدنيا 335