مال الله على عباده، ولكني أشهد لسمعت رسول الله صلى الله عليه يقول: (إذا بلغ بنو أبى العاص ثلاثين رجلا جعلوا مال الله دولا، وعباد الله خولا، ودين الله دخلا)، فقال عثمان لمن حضره: أسمعتموها من نبي الله؟ فقالوا: ما سمعناه، فقال عثمان:
ويلك يا أبا ذر! أتكذب على رسول الله! فقال أبو ذر لمن حضر: أما تظنون أنى صدقت! قالوا: لا والله ما ندري، فقال عثمان: ادعوا لي عليا، فدعى، فلما جاء قال عثمان لأبي ذر: أقصص عليه حديثك في بنى أبى العاص، فحدثه، فقال عثمان لعلى:
هل سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه؟ فقال علي عليه السلام: لا، وقد صدق أبو ذر، قال عثمان: بم (1) عرفت صدقه؟ قال: لأني سمعت رسول الله صلى الله عليه يقول: (ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء من ذي لهجة أصدق من أبي ذر)، فقال جميع من حضر من أصحاب النبي صلى الله عليه: لقد صدق أبو ذر، فقال أبو ذر:
أحدثكم أنى سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه ثم تتهمونني! ما كنت أظن أنى أعيش حتى أسمع هذا من أصحاب محمد صلى الله عليه!
وروى الواقدي في خبر آخر بإسناده عن صهبان مولى الأسلميين، قال: رأيت أبا ذر يوم دخل به على عثمان، فقال له: أنت الذي فعلت وفعلت! فقال له أبو ذر:
نصحتك فاستغششتني، ونصحت صاحبك فاستغشني، فقال عثمان: كذبت، ولكنك تريد الفتنة وتحبها، قد أنغلت (2) الشام علينا، فقال له أبو ذر: اتبع سنة صاحبيك، لا يكن لأحد عليك كلام، قال عثمان: ما لك وذلك لا أم لك! قال أبو ذر: والله ما وجدت لي عذرا إلا الامر بالمعروف والنهى عن المنكر، فغضب عثمان وقال: أشيروا على في هذا الشيخ الكذاب، إما أن أضربه أو أحبسه أو أقتله، فإنه قد فرق جماعة المسلمين، أو أنفيه من أرض الاسلام. فتكلم علي عليه السلام - وكان حاضرا - وقال: أشير عليك