الوصية في عبيد الله بن عمر، فدافع عن ذلك وعللهم، ولو كان هو ولى الدم على ما ذكروا لم يكن له أن يعفو وأن يبطل حدا من حدود الله تعالى، وأي شماتة للعدو في إقامة حد من حدود الله تعالى! وإنما الشماتة كلها من أعداء الاسلام في تعطيل الحدود. وأي حرج في الجمع بين قتل الامام وابنه، حتى يقال كره أن ينتشر الخبر بأن الامام وابنه قتلا، وإنما قتل أحدهما ظلما، والاخر عدلا، أو أحدهما بغير أمر الله، والاخر بأمره سبحانه!
وقد روى زياد بن عبد الله البكائي عن محمد بن إسحاق عن أبان بن صالح أن أمير المؤمنين عليه السلام أتى عثمان، بعد ما استخلف، فكلمه في عبيد الله ولم يكلمه أحد غيره، فقال: اقتل هذا الفاسق الخبيث الذي قتل أميرا مسلما، فقال عثمان: قتلوا أباه بالأمس، وأقتله اليوم! وإنما هو رجل من أهل الأرض، فلما أبى عليه مر عبيد الله على علي عليه السلام، فقال: له إيه يا فاسق! أما والله لئن ظفرت بك يوما من الدهر لأضربن عنقك، فلذلك خرج مع معاوية عليه.
روى القناد، عن الحسن بن عيسى بن زيد، عن أبيه، أن المسلمين لما قال عثمان:
إني قد عفوت عن عبيد الله بن عمر، قالوا: ليس لك أن تعفو عنه، قال: بلى إنه ليس لجفينة والهرمزان قرابة من أهل الاسلام، وأنا ولى أمر المسلمين، وأنا أولى بهما، وقد عفوت، فقال علي عليه السلام: إنه ليس كما تقول، إنما أنت في أمرهما بمنزلة أقصى المسلمين، إنه قتلهما في إمرة غيرك، وقد حكم الوالي الذي قتلا في إمارته بقتله، ولو كان قتلهما في إمارتك لم يكن لك العفو عنه، فاتق الله، فإن الله سائلك عن هذا! فلما رأى عثمان أن المسلمين قد أبوا إلا قتل عبيد الله، أمره فارتحل إلى الكوفة، وأقطعه بها دارا وأرضا، وهي التي يقال لها: كويفة (1) بن عمر، فعظم ذلك عند المسلمين وأكبروه، وكثر كلامهم فيه.