شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٣ - الصفحة ٥٧
بما قاله مؤمن آل فرعون: ﴿وإن يك كاذبا فعليه كذبه وإن يك صادقا يصبكم بعض الذي يعدكم إن الله لا يهدى من هو مسرف كذاب﴾ (1)، قال: فأجابه عثمان بجواب غليظ، لا أحب ذكره، وأجابه عليه السلام بمثله، قال: ثم إن عثمان حظر على الناس أن يقاعدوا أبا ذر، أو يكلموه، فمكث كذلك أياما ثم أمر أن يؤتى به، فلما أتى به وقف بين يديه، قال: ويحك يا عثمان! أما رأيت رسول الله صلى الله عليه ورأيت أبا بكر وعمر! هل رأيت هذا هديهم! إنك لتبطش بي بطش جبار، فقال:
اخرج عنا من بلادنا، فقال أبو ذر: ما أبغض إلى جوارك! فإلى أين أخرج؟ قال: حيث شئت، قال: فأخرج إلى الشام أرض الجهاد؟ قال: إنما جلبتك من الشام لما قد أفسدتها أفأردك إليها! قال: أفأخرج إلى العراق؟ قال: لا، قال: ولم؟ قال: تقدم على قوم أهل شبه وطعن في الأئمة قال: أفأخرج إلى مصر؟ قال: لا، قال: فإلى أين أخرج؟ قال:
حيث شئت، قال أبو ذر: فهو إذن التعرب (2) بعد الهجرة، أأخرج إلى نجد؟ فقال عثمان:
الشرف الأبعد أقصى فأقصى، امض على وجهك هذا، ولا تعدون الربذة.
فخرج إليها.
وروى الواقدي عن مالك بن أبي الرجال، عن موسى بن ميسرة أن أبا الأسود الدؤلي، قال: كنت أحب لقاء أبي ذر لأسأله عن سبب خروجه، فنزلت الربذة، فقلت له:
ألا تخبرني؟ أخرجت من المدينة طائعا أم أخرجت مكرها؟ فقال: كنت في ثغر من ثغور المسلمين، أغنى عنهم، فأخرجت إلى مدينة الرسول عليه السلام، فقلت: أصحابي ودار هجرتي، فأخرجت منها إلى ما ترى، ثم قال: بينا أنا ذات ليلة نائم في المسجد إذ مر بي رسول الله صلى الله عليه، فضربني برجله وقال: لا أراك نائما في المسجد، فقلت: بأبي أنت

(١) سورة غافر ٢٨.
(2) التعرب: الإقامة بالبادية.
(٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 بقية رد المرتضى على ما أرده القاضي عبد الجبار من الدفاع عن عثمان 4
2 ذكر المطاعن التي طعن بها على عثمان والرد عليها 11
3 بيعة جرير بن عبد الله البجلي لعلي 70
4 بيعة الأشعث لعلي 73
5 دعوة علي معاوية إلى البيعة والطاعة ورد معاوية عليه 74
6 أخبار متفرقة 91
7 مفارقة جرير بن عبد الله البجلي لمعاوية 115
8 نسب جرير وبعض أخباره 117
9 44 - ومن كلام له عليه السلام لما هرب مصقلة بن هبيرة الشيباني إلى معاوية 119
10 نسب بنى ناجية 120
11 نسب علي بن الجهم وطائفة من أخباره وشعره 122
12 نسب مصقلة بن هبيرة 127
13 خبر بني ناجية مع علي 127
14 قصة الخريت بن راشد الناجي وخروجه على علي 128
15 45 - من خطبة له عليه السلام في الزهد وتعظيم الله وتصغير أمر الدنيا 152
16 فصل بلاغي في الموازنة والسجع 153
17 نبذ من كلام الحكماء في مدح القناعة وذم الطمع 154
18 46 - من كلام له عليه السلام عن عزمه على المسير إلى الشام 165
19 أدعية على عند خروجه من الكوفة لحرب معاوية 166
20 كلام علي حين نزل بكربلاء 169
21 كلامه لأصحابه وكتبه إلى عماله 171
22 كتاب محمد بن أبي بكر إلى معاوية وجوابه عليه 188
23 47 - من كلام له عليه السلام في ذكر الكوفة \ 197
24 فصل في ذكر فضل الكوفة 198
25 48 - من خطبة له عليه السلام عند المسير إلى الشام 200
26 أخبار علي في جيشه وهو في طريقه إلى صفين 202
27 49 - من خطبة له في تمجيد الله سبحانه وتمجيده 216
28 فصول في العلم الإلهي: 217
29 الفصل الأول وهو الكلام على كونه تعالى عالما بالأمور الخفية 218
30 الفصل الثاني في تفسير قوله عليه السلام: " ودلت عليه أعلام الظهور " 221
31 الفصل الثالث في أن هويته تعالى غير هوية البشر 222
32 الفصل الرابع في نفي التشبيه عنه تعالى 223
33 الفصل الخامس في بيان أن الجاحد له مكابر بلسانه ومثبت له بقلبه 238
34 50 - من خطبة له عليه السلام يصف وقوع الفتن 240
35 51 - من كلام له عليه السلام لما غلب أصحاب معاوية أصحابه عليه السلام على شريعة الفرات بصفين ومنعوهم من الماء 244
36 الأشعار الواردة في الإباء والأنف من احتمال الضيم 245
37 أباة الضيم وأخباره 249
38 غلبة معاوية على الماء بصفين ثم غلبة علي عليه بعد ذلك 312
39 52 - من خطبة له في وصف الدنيا ما قيل من الأشعار في ذم الدنيا 335