من عطائي الذي حرمتمونيه عامي هذا قبلتها، وإن كانت صلة فلا حاجة لي فيها، وردها عليه.
وبنى معاوية الخضراء بدمشق، فقال أبو ذر: يا معاوية، إن كانت هذه من مال الله فهي الخيانة وإن كانت من مالك فهو الاسراف.
وكان أبو ذر رحمه الله تعالى يقول: والله لقد حدثت أعمال ما أعرفها، والله ما هي في كتاب الله ولا سنة نبيه، والله إني لأرى حقا يطفأ وباطلا يحيا، وصادقا مكذبا، وأثرة بغير تقى، وصالحا مستأثرا عليه، فقال حبيب بن مسلمة الفهري لمعاوية إن أبا ذر لمفسد عليكم الشام، فتدارك أهله إن كانت لكم حاجة فيه. فكتب معاوية إلى عثمان فيه، فكتب عثمان إلى معاوية: أما بعد، فاحمل جندبا (1) إلى علي أغلظ مركب وأوعره، فوجه به مع من سار به الليل والنهار، وحمله على شارف (2) ليس عليها إلا قتب (3)، حتى قدم به المدينة، وقد سقط لحم فخذيه من الجهد، فلما قدم أبو ذر المدينة، بعث إليه عثمان أن الحق بأي أرض شئت، فقال: بمكة؟ قال: لا، قال: فبيت المقدس؟
قال: لا، قال: فأحد المصرين (4)؟ قال: لا، ولكني مسيرك إلى الربذة، فسيره إليها، فلم يزل بها حتى مات.
وفي رواية الواقدي أن أبا ذر لما دخل على عثمان، قال له: لا أنعم الله بك عينا يا جنيدب! فقال أبو ذر: أنا جنيدب وسماني رسول الله صلى الله عليه عبد الله، فاخترت اسم، رسول الله الذي سماني به على اسمي فقال عثمان: أنت الذي تزعم أنا نقول إن يد الله مغلولة، وإن الله فقير ونحن أغنياء! فقال أبو ذر: لو كنتم لا تزعمون لأنفقتم