الدم لم يكونوا يطالبونه، ولا كانت صفتهم صفة من يطالب، لأنهم كانوا كلهم أو بعضهم يدعون أن عليا عليه السلام ليس بإمام، ولا يحل لولي الدم مع هذا الاعتقاد أن يطالب بالقود، فلذلك لم يقتلهم عليه السلام، هذا لو صح أنه كان يميزهم، فكيف وذلك غير صحيح.
فأما ما روى عنه من قوله عليه السلام: (قتله الله وأنا معه)! فإن صح فمعناه مستقيم، يريد أن الله أماته وسيميتني وسائر العباد.
ثم قال سائلا نفسه: كيف يقول ذلك وعثمان مات مقتولا من جهة المكلفين!
وأجاب بأنه وإن قتل، فالإماتة من قبل الله تعالى. ويجوز أن يكون ما ناله من الجراح لا يوجب انتفاء الحياة لا محالة فإذا مات صحت الإماتة على طريق الحقيقة.
* * * اعترض المرتضى رحمه الله تعالى هذا الكلام فقال.
أما تضعيفه أن يكون عثمان ترك بعد القتل ثلاثة أيام لم يدفن، فليس بحجة، لان ذلك قد رواه جماعة الرواة، وليس يخالف في مثله أحد يعرف بالرواية، وقد ذكر ذلك الواقدي وغيره، وروى أن أهل المدينة منعوا الصلاة عليه، حتى حمل بين المغرب والعتمة، ولم يشهد جنازته غير مروان وثلاثة من مواليه، ولما أحسوا بذلك رموه بالحجارة وذكروه بأسوء الذكر، ولم يقع التمكن من دفنه إلا بعد أن أنكر أمير المؤمنين عليه السلام المنع من دفنه، وأمر أهله بتولي ذلك منه.
فأما قوله: إن ذلك إن صح كان طعنا على من لزمه القيام بأمره، فليس الامر على ما ظنه، بل يكون طعنا على عثمان من حيث لا يجوز أن يمنع أهل المدينة - وفيها وجوه الصحابة - من دفنه والصلاة عليه إلا لاعتقاد قبيح، أو لان أكثرهم وجمهورهم يعتقد ذلك، وهذا طعن لا شبهة فيه، واستبعاد صاحب،، المغني،، لذلك، مع ظهور الرواية به