شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٣ - الصفحة ٤٤
ابن زمعة، فاحتمله حتى جاء به باب مسجد، فضرب به الأرض، فكسر ضلعا من أضلاعه، فقال ابن مسعود: قتلني ابن زمعة الكافر بأمر عثمان وفي رواية أخرى إن ابن زمعة الذي فعل به ما فعل كان مولى لعثمان أسود مسدما (1) طوالا. وفي رواية أخرى: إن فاعل ذلك يحموم مولى عثمان. وفي رواية، إنه لما احتمله ليخرجه من المسجد ناداه عبد الله: أنشدك الله، ألا تخرجني من مسجد خليلي صلى الله عليه وسلم.
قال الراوي: فكأني أنظر إلى حموشة (2) ساقى عبد الله بن مسعود ورجلاه تختلفان على عنق مولى عثمان حتى أخرج من المسجد، وهو الذي يقول فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(لساقا ابن أم عبد أثقل في الميزان يوم القيامة من جبل أحد).
وقد روى محمد بن إسحاق عن محمد بن كعب القرظي أن عثمان ضرب ابن مسعود أربعين سوطا في دفنه أبا ذر. وهذه قصة أخرى، وذلك أن أبا ذر رحمه الله تعالى لما حضرته الوفاة بالربذة، وليس معه إلا امرأته وغلامه عهد إليهما أن غسلاني ثم كفناني، ثم ضعاني على قارعة الطريق، فأول ركب يمرون بكم قولوا لهم: هذا أبو ذر صاحب رسول الله صلى الله عليه، فأعينونا على دفنه، فلما مات فعلوا ذلك، وأقبل ابن مسعود في ركب من العراق معتمرين، فلم يرعهم إلا الجنازة على قارعة الطريق، قد كادت الإبل تطؤها، فقام إليهم العبد، فقال: هذا أبو ذر صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأعينونا على دفنه، فانهل ابن مسعود باكيا، وقال: صدق رسول الله صلى الله عليه، قال له:
(تمشى وحدك، وتموت وحدك، وتبعث وحدك)، ثم نزل هو وأصحابه، فواروه.
قال: فأما قوله إن ذلك ليس بأن يكون طعنا في عثمان بأولى من أن يكون طعنا في ابن مسعود، فواضح البطلان، وإنما كان طعنا في عثمان دون ابن مسعود، لأنه لا خلاف

(1) المسدم: الأهوج.
(2) الحموشة: دقة الساقين.
(٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 بقية رد المرتضى على ما أرده القاضي عبد الجبار من الدفاع عن عثمان 4
2 ذكر المطاعن التي طعن بها على عثمان والرد عليها 11
3 بيعة جرير بن عبد الله البجلي لعلي 70
4 بيعة الأشعث لعلي 73
5 دعوة علي معاوية إلى البيعة والطاعة ورد معاوية عليه 74
6 أخبار متفرقة 91
7 مفارقة جرير بن عبد الله البجلي لمعاوية 115
8 نسب جرير وبعض أخباره 117
9 44 - ومن كلام له عليه السلام لما هرب مصقلة بن هبيرة الشيباني إلى معاوية 119
10 نسب بنى ناجية 120
11 نسب علي بن الجهم وطائفة من أخباره وشعره 122
12 نسب مصقلة بن هبيرة 127
13 خبر بني ناجية مع علي 127
14 قصة الخريت بن راشد الناجي وخروجه على علي 128
15 45 - من خطبة له عليه السلام في الزهد وتعظيم الله وتصغير أمر الدنيا 152
16 فصل بلاغي في الموازنة والسجع 153
17 نبذ من كلام الحكماء في مدح القناعة وذم الطمع 154
18 46 - من كلام له عليه السلام عن عزمه على المسير إلى الشام 165
19 أدعية على عند خروجه من الكوفة لحرب معاوية 166
20 كلام علي حين نزل بكربلاء 169
21 كلامه لأصحابه وكتبه إلى عماله 171
22 كتاب محمد بن أبي بكر إلى معاوية وجوابه عليه 188
23 47 - من كلام له عليه السلام في ذكر الكوفة \ 197
24 فصل في ذكر فضل الكوفة 198
25 48 - من خطبة له عليه السلام عند المسير إلى الشام 200
26 أخبار علي في جيشه وهو في طريقه إلى صفين 202
27 49 - من خطبة له في تمجيد الله سبحانه وتمجيده 216
28 فصول في العلم الإلهي: 217
29 الفصل الأول وهو الكلام على كونه تعالى عالما بالأمور الخفية 218
30 الفصل الثاني في تفسير قوله عليه السلام: " ودلت عليه أعلام الظهور " 221
31 الفصل الثالث في أن هويته تعالى غير هوية البشر 222
32 الفصل الرابع في نفي التشبيه عنه تعالى 223
33 الفصل الخامس في بيان أن الجاحد له مكابر بلسانه ومثبت له بقلبه 238
34 50 - من خطبة له عليه السلام يصف وقوع الفتن 240
35 51 - من كلام له عليه السلام لما غلب أصحاب معاوية أصحابه عليه السلام على شريعة الفرات بصفين ومنعوهم من الماء 244
36 الأشعار الواردة في الإباء والأنف من احتمال الضيم 245
37 أباة الضيم وأخباره 249
38 غلبة معاوية على الماء بصفين ثم غلبة علي عليه بعد ذلك 312
39 52 - من خطبة له في وصف الدنيا ما قيل من الأشعار في ذم الدنيا 335