ابن زمعة، فاحتمله حتى جاء به باب مسجد، فضرب به الأرض، فكسر ضلعا من أضلاعه، فقال ابن مسعود: قتلني ابن زمعة الكافر بأمر عثمان وفي رواية أخرى إن ابن زمعة الذي فعل به ما فعل كان مولى لعثمان أسود مسدما (1) طوالا. وفي رواية أخرى: إن فاعل ذلك يحموم مولى عثمان. وفي رواية، إنه لما احتمله ليخرجه من المسجد ناداه عبد الله: أنشدك الله، ألا تخرجني من مسجد خليلي صلى الله عليه وسلم.
قال الراوي: فكأني أنظر إلى حموشة (2) ساقى عبد الله بن مسعود ورجلاه تختلفان على عنق مولى عثمان حتى أخرج من المسجد، وهو الذي يقول فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(لساقا ابن أم عبد أثقل في الميزان يوم القيامة من جبل أحد).
وقد روى محمد بن إسحاق عن محمد بن كعب القرظي أن عثمان ضرب ابن مسعود أربعين سوطا في دفنه أبا ذر. وهذه قصة أخرى، وذلك أن أبا ذر رحمه الله تعالى لما حضرته الوفاة بالربذة، وليس معه إلا امرأته وغلامه عهد إليهما أن غسلاني ثم كفناني، ثم ضعاني على قارعة الطريق، فأول ركب يمرون بكم قولوا لهم: هذا أبو ذر صاحب رسول الله صلى الله عليه، فأعينونا على دفنه، فلما مات فعلوا ذلك، وأقبل ابن مسعود في ركب من العراق معتمرين، فلم يرعهم إلا الجنازة على قارعة الطريق، قد كادت الإبل تطؤها، فقام إليهم العبد، فقال: هذا أبو ذر صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأعينونا على دفنه، فانهل ابن مسعود باكيا، وقال: صدق رسول الله صلى الله عليه، قال له:
(تمشى وحدك، وتموت وحدك، وتبعث وحدك)، ثم نزل هو وأصحابه، فواروه.
قال: فأما قوله إن ذلك ليس بأن يكون طعنا في عثمان بأولى من أن يكون طعنا في ابن مسعود، فواضح البطلان، وإنما كان طعنا في عثمان دون ابن مسعود، لأنه لا خلاف