بين الأمة في طهارة ابن مسعود وفضله وإيمانه، ومدح رسول الله صلى الله عليه وسلم، وثنائه عليه، وأنه مات على الجملة المحمودة منه، وفي جميع هذا خلاف بين المسلمين في عثمان.
فأما قوله: إن ابن مسعود كره جمع عثمان الناس على قراءة زيد، وإحراقه المصاحف، فلا شك أن عبد الله كره ذلك، كما كرهه جماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتكلموا فيه، وقد ذكر الرواة كلام كل واحد منهم في ذلك مفصلا، وما كره عبد الله من ذلك إلا مكروها، وهو الذي يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في حقه: (من سره أن يقرأ القرآن غضا كما أنزل، فليقرأه على قراءة ابن أم عبد). وروى عن ابن عباس رحمه الله تعالى أنه قال: (قراءة ابن أم عبد هي القراءة الأخيرة)، إن رسول الله صلى الله عليه كان يعرض عليه القرآن في كل سنة من شهر رمضان، فلما كان العام الذي توفى فيه عرض عليه دفعتين، فشهد عبد الله ما نسخ منه، وما صح فهي القراءة الأخيرة.
وروى عن الأعمش، قال: قال ابن مسعود: لقد أخذت القرآن من في رسول الله صلى الله عليه، سبعين سورة، وإن زيد بن ثابت لغلام في الكتاب، له ذؤابة.
فأما حكايته عن أبي الحسين الخياط أن ابن مسعود إنما عاب عثمان لعزله إياه، فعبد الله عند كل من عرفه بخلاف هذه الصورة، وأنه لم يكن ممن يخرج على عثمان ويطعن في إمامته بأمر يعود إلى منفعة الدنيا، وإن كان عزله بما لا شبهة فيه في دين ولا أمانة عيبا لا شك فيه.
* * *