الطعن السابع:
أنه جمع الناس على قراءة زيد بن ثابت خاصة، وأحرق المصاحف، وأبطل ما لا شك أنه نزل من القرآن، وأنه مأخوذ عن الرسول صلى الله عليه، ولو كان ذلك مما يسوغ لسبق إليه رسول الله صلى الله عليه، ولفعله أبو بكر وعمر.
قال قاضى القضاة: وجوابنا عن ذلك أن الوجه في جمع القرآن على قراءة واحدة تحصين القرآن وضبطه، وقطع المنازعة والاختلاف فيه. قولهم: لو كان ذلك واجبا لفعله الرسول صلى الله عليه غير لازم، لان الامام إذا فعله صار كأن الرسول صلى الله عليه وسلم فعله، ولان الأحوال في ذلك تختلف، وقد روى أن عمر كان عزم على ذلك فمات دونه. وليس لأحد أن يقول: إن إحراقه المصاحف استخفاف بالدين، وذلك لأنه إذا جاز من الرسول صلى الله عليه وسلم أن يخرب المسجد الذي بنى ضرارا وكفرا، فغير ممتنع إحراق المصاحف.
* * * اعترض المرتضى رحمه الله تعالى هذا الكلام، فقال: إن اختلاف الناس في القراءة ليس بموجب لما صنعه، لأنهم يروون أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (نزل القرآن على سبعة أحرف، كلها شاف كاف)، فهذا الاختلاف عندهم في القرآن مباح مسند عن الرسول صلى الله عليه وسلم، فكيف يحظر عليهم عثمان من التوسع في الحروف ما هو مباح!
فلو كان في القراءة الواحدة تحصين القرآن كما ادعى، لما أباح النبي صلى الله عليه وسلم في الأصل إلا القراءة الواحدة، لأنه أعلم بوجوه المصالح من جميع أمته، من حيث كان مؤيدا بالوحي، موفقا في كل ما يأتي ويذر. وليس له أن يقول: حدث من الاختلاف في أيام عثمان ما لم يكن في أيام الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا ما أباحه، وذلك لان الامر