قال قاضي القضاة: وقد أجاب شيخنا أبو علي رحمه الله تعالى عن ذلك، فقال: إن ضرب عمار غير ثابت، ولو ثبت أنه ضربه للقول العظيم الذي كان يقوله لم يجب أن يكون طعنا عليه، لان للامام تأديب من يستحق التأديب. ومما يبعد صحة ذلك أن عمارا لا يجوز أن يكفره، ولما يقع منه ما يستوجب به الكفر، لان الذي يكفر به الكافر معلوم، ولأنه لو كان قد وقع ذلك لكان غيره من الصحابة أولى بذلك، ولوجب أن يجتمعوا على خلعه، ولوجب أن يكون قتله مباحا لهم، بل كان يجب أن يقيموا إماما ليقتله على ما قدمناه. وليس لأحد أن يقول: إنما كفره عمار من حيث وثب على الخلافة، ولم يكن لها أهلا، لأنا قد بينا القول في ذلك، ولأنه كان منصوبا لأبي بكر وعمر ما تقدم، وقد بينا أن صحة إمامتهما تقتضي صحة إمامة عثمان.
وقد روى أن عمارا نازع الحسن بن علي عليهما السلام في أمر عثمان فقال عمار: قتل عثمان كافرا، وقال الحسن عليه السلام: قتل مؤمنا، وتعلق بعضهما ببعض، فصارا إلى أمير المؤمنين عليه السلام، فقال: ماذا تريد من ابن أخيك؟ فقال: إني قلت كذا، وقال كذا، فقال له أمير المؤمنين عليه السلام: أتكفر برب كان يؤمن به عثمان! فسكت عمار، وقد ذكر الشيخ أبو الحسين الخياط أن عثمان لما نقم عليه ضربه عمارا احتج لنفسه، فقال: جاءني (1) سعد وعمار، فأرسلا إلى أن ائتنا، فإنا نريد أن نذاكرك أشياء فعلتها، فأرسلت إليهما: إني مشغول، فانصرفا، فموعدكما يوم كذا، فانصرف سعد وأبى عمار أن ينصرف، فأعدت الرسول إليه فأبى أن ينصرف، فتناوله بغير أمري، ووالله ما أمرت به ولا رضيت، وها أنا، فليقتص منى.
قال: وهذا من أنصف قول وأعدله.
* * * اعترض المرتضى رحمه الله تعالى هذا الكلام، فقال: أما الدفع لضرب عمار، فهو