الطبيب أمرضني، قال: أفلا آمر لك بعطائك؟ قال: منعتنيه وأنا محتاج إليه، وتعطينيه وأنا مستغن عنه! قال: يكون لولدك، قال: رزقهم على الله تعالى، قال: استغفر لي يا أبا عبد الرحمن، قال: أسأل الله أن يأخذ لي منك حقي.
قال: وصاحب،، المغني،، قد حكى بعض هذا الخبر في آخر الفصل الذي حكاه من كلامه، وقال: هذا يوجب ذم ابن مسعود من حيث لم يقبل العذر، وهذا منه طريف، لان مذهبه لا يقتضى قبول كل عذر ظاهر، وإنما يجب قبول العذر الصادق، الذي يغلب في الظن أن الباطن فيه كالظاهر، فمن أين لصاحب،، المغني،، أن اعتذار عثمان إلى ابن مسعود كان مستوفيا للشرائط التي يجب معها القبول! وإذا جاز ما ذكرناه لم يكن على ابن مسعود لوم في الامتناع من قبول عذره.
فأما قوله: إن عثمان لم يضربه، وإنما ضربه بعض مواليه لما سمع وقيعته فيه، فالامر بخلاف ذلك، وكل من قرأ الاخبار علم أن عثمان أمر بإخراجه عن المسجد على أعنف الوجوه، وبأمره جرى ما جرى عليه، ولو لم يكن بأمره ورضاه لوجب أن ينكر على مولاه كسر ضلعه، ويعتذر إلى من عاتبه على فعله بابن مسعود بأن يقول: إني لم آمر بذلك، ولا رضيته من فاعله، وقد أنكرت عليه فعله.
وفي علمنا بأن ذلك لم يكن دليل على ما قلنا، وقد روى الواقدي بإسناده وغيره أن ابن مسعود لما استقدم المدينة، دخلها ليلة جمعة، فلما علم عثمان بدخوله، قال: أيها الناس، إنه قد طرقكم الليلة دويبة، من تمشى على طعامه يقئ ويسلح. فقال ابن مسعود: لست كذلك، ولكنني صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر، وصاحبه يوم أحد، وصاحبه يوم بيعة الرضوان، وصاحبه يوم الخندق، وصاحبه يوم حنين. قال: وصاحت عائشة: يا عثمان!
أتقول هذا لصاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم! فقال عثمان: اسكتي، ثم قال لعبد الله بن زمعة بن الأسود بن المطلب بن عبد العزى بن قصي: أخرجه إخراجا عنيفا، فأخذه