لو كان على هذا لوجب أن ينهى عن القراءة الحادثة، والامر المبتدع، ولا يحمله ما أحدث من القراءة على تحريم المتقدم بلا شبهة.
وقوله: إن الامام إذا فعل ذلك، فكأن الرسول صلى الله عليه وسلم فعله تعلل بالباطل، وكيف يكون كما ادعى، وهذا الاختلاف بعينه قد كان موجودا في أيام الرسول صلى الله عليه وسلم، فلو كان سبب الانتشار الزيادة في القرآن، وفي قطعه تحصين له، لكان عليه السلام بالنهي عن هذا الاختلاف أولى من غيره، اللهم إلا أن يقال: حدث اختلاف لم يكن، فقد قلنا فيه ما كفى.
وأما قوله: إن عمر قد كان عزم على ذلك فمات دونه، فما سمعناه إلا منه، ولو فعل ذلك أي فاعل كان لكان منكرا.
فأما الاعتذار عن كون إحراق المصاحف لا يكون استخفافا بالدين، بحمله إياه على تخريب مسجد الضرار، فبين الامرين بون بعيد، لان البنيان إنما يكون مسجدا وبيتا لله تعالى بنية الباني وقصده، ولولا ذلك لم يكن بعض البنيان بأن يكون مسجدا أولى من بعض، ولما كان قصد الباني لذلك الموضع غير القربة والعبادة، بل خلافها وضدها من الفساد والمكيدة. لم يكن في الحقيقة مسجدا، وإن سمى بذلك مجازا على ظاهر الامر، فهدمه لا حرج فيه، وليس كذلك ما بين الدفتين، لأنه كلام الله تعالى الموقر المعظم، الذي يجب صيانته عن البذلة والاستخفاف، فأي نسبة بين الامرين!
* * * الطعن الثامن:
أنه أقدم عمار بن ياسر بالضرب، حتى حدث به فتق، ولهذا صار أحد من ظاهر المتظلمين من أهل الأمصار على قتله، وكان يقول: قتلناه كافرا.