شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٣ - الصفحة ٣٨
لان تلك البشارة لا تبلغ إلى أن يستحق البشير بها مائتي ألف درهم، ولا اجتهاد في مثل هذا، ولا فرق بين من جوز أن يؤدى الاجتهاد إلى مثله ومن جوز أن يؤدى الاجتهاد إلى دفع أصل الغنيمة إلى البشير بها، ومن ارتكب ذلك ألزم جواز أن يؤدى الاجتهاد إلى إعطاء هذا البشير جميع أموال المسلمين في الشرق والغرب.
فأما قوله: إنه وصل بنى عمه لحاجتهم، ورأي في ذلك صلاحا، فقد بينا أن صلاته لهم كانت أكثر مما تقتضيه الخلة والحاجة، وأنه كان يصل فيهم المياسير. ثم الصلاح الذي زعم أنه رآه: لا يخلو إما أن يكون عائدا على المسلمين، أو على أقاربه، فإن كان على المسلمين فمعلوم ضرورة أنه لا صلاح لأحد من المسلمين في إعطاء مروان مائتي ألف دينار، والحكم بن أبي العاص ثلاثمائة ألف درهم، وابن أسيد ثلاثمائة ألف درهم، إلى غير ما ذكرنا، بل على المسلمين في ذلك غاية الضرر. وإن أراد الصلاح الراجع إلى الأقارب فليس له أن يصلح أمر أقاربه بفساد أمر المسلمين، وينفعهم بما يضر به المسلمين.
وأما قوله: إن القطائع التي أقطعها بنى أمية، إنما أقطعهم إياها لمصلحة تعود على المسلمين، لان تلك الضياع كانت خرابا لا عامر لها، فسلمها إلى من يعمرها ويؤدى الحق عنه، فأول ما فيه أنه لو كان الامر على ما ذكره، ولم تكن هذه القطائع على سبيل الصلة والمعونة لأقاربه لما خفى ذلك على الحاضرين، ولكانوا لا يعدون ذلك من مثالبه، ولا يواقفونه عليه في جملة ما واقفوه عليه من إحداثه. ثم كان يجب لو فعلوا ذلك أن يكون جوابه، بخلاف ما روى من جوابه لأنه كان يجب أن يقول لهم: وأي منفعة في هذه القطائع عائدة على قرابتي حتى تعدوا ذلك من جملة صلاتي لهم، وإيصالي المنافع إليهم!
وإنما جعلتهم فيها بمنزلة الأكرة الذين ينتفع بهم أكثر من انتفاعهم أنفسهم، وما كان
(٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 بقية رد المرتضى على ما أرده القاضي عبد الجبار من الدفاع عن عثمان 4
2 ذكر المطاعن التي طعن بها على عثمان والرد عليها 11
3 بيعة جرير بن عبد الله البجلي لعلي 70
4 بيعة الأشعث لعلي 73
5 دعوة علي معاوية إلى البيعة والطاعة ورد معاوية عليه 74
6 أخبار متفرقة 91
7 مفارقة جرير بن عبد الله البجلي لمعاوية 115
8 نسب جرير وبعض أخباره 117
9 44 - ومن كلام له عليه السلام لما هرب مصقلة بن هبيرة الشيباني إلى معاوية 119
10 نسب بنى ناجية 120
11 نسب علي بن الجهم وطائفة من أخباره وشعره 122
12 نسب مصقلة بن هبيرة 127
13 خبر بني ناجية مع علي 127
14 قصة الخريت بن راشد الناجي وخروجه على علي 128
15 45 - من خطبة له عليه السلام في الزهد وتعظيم الله وتصغير أمر الدنيا 152
16 فصل بلاغي في الموازنة والسجع 153
17 نبذ من كلام الحكماء في مدح القناعة وذم الطمع 154
18 46 - من كلام له عليه السلام عن عزمه على المسير إلى الشام 165
19 أدعية على عند خروجه من الكوفة لحرب معاوية 166
20 كلام علي حين نزل بكربلاء 169
21 كلامه لأصحابه وكتبه إلى عماله 171
22 كتاب محمد بن أبي بكر إلى معاوية وجوابه عليه 188
23 47 - من كلام له عليه السلام في ذكر الكوفة \ 197
24 فصل في ذكر فضل الكوفة 198
25 48 - من خطبة له عليه السلام عند المسير إلى الشام 200
26 أخبار علي في جيشه وهو في طريقه إلى صفين 202
27 49 - من خطبة له في تمجيد الله سبحانه وتمجيده 216
28 فصول في العلم الإلهي: 217
29 الفصل الأول وهو الكلام على كونه تعالى عالما بالأمور الخفية 218
30 الفصل الثاني في تفسير قوله عليه السلام: " ودلت عليه أعلام الظهور " 221
31 الفصل الثالث في أن هويته تعالى غير هوية البشر 222
32 الفصل الرابع في نفي التشبيه عنه تعالى 223
33 الفصل الخامس في بيان أن الجاحد له مكابر بلسانه ومثبت له بقلبه 238
34 50 - من خطبة له عليه السلام يصف وقوع الفتن 240
35 51 - من كلام له عليه السلام لما غلب أصحاب معاوية أصحابه عليه السلام على شريعة الفرات بصفين ومنعوهم من الماء 244
36 الأشعار الواردة في الإباء والأنف من احتمال الضيم 245
37 أباة الضيم وأخباره 249
38 غلبة معاوية على الماء بصفين ثم غلبة علي عليه بعد ذلك 312
39 52 - من خطبة له في وصف الدنيا ما قيل من الأشعار في ذم الدنيا 335