شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٣ - الصفحة ٥٤
وقد ذكر الشيخ أبو الحسين الخياط قريبا مما تقدم، من أن إخراج أبي ذر إلى الربذة كان باختياره، وروى في ذلك خبرا، قال: وأقل ما في ذلك أن تختلف الاخبار فتطرح، ويرجع إلى الأمر الأول في صحة إمامة عثمان وسلامة أحواله.
اعترض المرتضى رحمه الله تعالى هذا الكلام، فقال:
أما قول أبى على إن الاخبار في سبب خروج أبي ذر إلى الربذة متكافئة، فمعاذ الله أن تتكافأ في ذلك! بل المعروف والظاهر أنه نفاه أولا إلى الشام، ثم استقدمه إلى المدينة لما شكا منه معاوية، ثم نفاه من المدينة إلى الربذة. وقد روى جميع أهل السير على اختلاف طرقهم وأسانيدهم أن عثمان لما أعطى مروان بن الحكم ما أعطاه وأعطى الحارث بن الحكم بن أبي العاص ثلاثمائة ألف درهم، وأعطى زيد بن ثابت مائة ألف درهم، جعل أبو ذر يقول: بشر الكانزين بعذاب أليم، ويتلو قول الله تعالى: (والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم) فرفع ذلك مروان إلى عثمان، فأرسل إلى أبي ذر نائلا مولاه: أن انته عما يبلغني عنك، فقال: أينهاني عثمان عن قراءة كتاب الله، وعيب من ترك أمر الله! فوالله لان أرضى الله بسخط عثمان أحب إلى وخير لي من أن أسخط الله برضاه. فأغضب عثمان ذلك، وأحفظه فتصابر.
وقال يوما: أيجوز للامام أن يأخذ من المال، فإذا أيسر قضى؟ فقال كعب الأحبار: لا بأس بذلك، فقال له أبو ذر: يا بن اليهوديين، أتعلمنا ديننا! فقال عثمان:
قد كثر أذاك لي وتولعك بأصحابي، الحق بالشام. فأخرجه إليها، فكان أبو ذر ينكر على معاوية أشياء يفعلها، فبعث إليه معاوية ثلاثمائة دينار، فقال أبو ذر: إن كانت هذه
(٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 بقية رد المرتضى على ما أرده القاضي عبد الجبار من الدفاع عن عثمان 4
2 ذكر المطاعن التي طعن بها على عثمان والرد عليها 11
3 بيعة جرير بن عبد الله البجلي لعلي 70
4 بيعة الأشعث لعلي 73
5 دعوة علي معاوية إلى البيعة والطاعة ورد معاوية عليه 74
6 أخبار متفرقة 91
7 مفارقة جرير بن عبد الله البجلي لمعاوية 115
8 نسب جرير وبعض أخباره 117
9 44 - ومن كلام له عليه السلام لما هرب مصقلة بن هبيرة الشيباني إلى معاوية 119
10 نسب بنى ناجية 120
11 نسب علي بن الجهم وطائفة من أخباره وشعره 122
12 نسب مصقلة بن هبيرة 127
13 خبر بني ناجية مع علي 127
14 قصة الخريت بن راشد الناجي وخروجه على علي 128
15 45 - من خطبة له عليه السلام في الزهد وتعظيم الله وتصغير أمر الدنيا 152
16 فصل بلاغي في الموازنة والسجع 153
17 نبذ من كلام الحكماء في مدح القناعة وذم الطمع 154
18 46 - من كلام له عليه السلام عن عزمه على المسير إلى الشام 165
19 أدعية على عند خروجه من الكوفة لحرب معاوية 166
20 كلام علي حين نزل بكربلاء 169
21 كلامه لأصحابه وكتبه إلى عماله 171
22 كتاب محمد بن أبي بكر إلى معاوية وجوابه عليه 188
23 47 - من كلام له عليه السلام في ذكر الكوفة \ 197
24 فصل في ذكر فضل الكوفة 198
25 48 - من خطبة له عليه السلام عند المسير إلى الشام 200
26 أخبار علي في جيشه وهو في طريقه إلى صفين 202
27 49 - من خطبة له في تمجيد الله سبحانه وتمجيده 216
28 فصول في العلم الإلهي: 217
29 الفصل الأول وهو الكلام على كونه تعالى عالما بالأمور الخفية 218
30 الفصل الثاني في تفسير قوله عليه السلام: " ودلت عليه أعلام الظهور " 221
31 الفصل الثالث في أن هويته تعالى غير هوية البشر 222
32 الفصل الرابع في نفي التشبيه عنه تعالى 223
33 الفصل الخامس في بيان أن الجاحد له مكابر بلسانه ومثبت له بقلبه 238
34 50 - من خطبة له عليه السلام يصف وقوع الفتن 240
35 51 - من كلام له عليه السلام لما غلب أصحاب معاوية أصحابه عليه السلام على شريعة الفرات بصفين ومنعوهم من الماء 244
36 الأشعار الواردة في الإباء والأنف من احتمال الضيم 245
37 أباة الضيم وأخباره 249
38 غلبة معاوية على الماء بصفين ثم غلبة علي عليه بعد ذلك 312
39 52 - من خطبة له في وصف الدنيا ما قيل من الأشعار في ذم الدنيا 335