وقد ذكر الشيخ أبو الحسين الخياط قريبا مما تقدم، من أن إخراج أبي ذر إلى الربذة كان باختياره، وروى في ذلك خبرا، قال: وأقل ما في ذلك أن تختلف الاخبار فتطرح، ويرجع إلى الأمر الأول في صحة إمامة عثمان وسلامة أحواله.
اعترض المرتضى رحمه الله تعالى هذا الكلام، فقال:
أما قول أبى على إن الاخبار في سبب خروج أبي ذر إلى الربذة متكافئة، فمعاذ الله أن تتكافأ في ذلك! بل المعروف والظاهر أنه نفاه أولا إلى الشام، ثم استقدمه إلى المدينة لما شكا منه معاوية، ثم نفاه من المدينة إلى الربذة. وقد روى جميع أهل السير على اختلاف طرقهم وأسانيدهم أن عثمان لما أعطى مروان بن الحكم ما أعطاه وأعطى الحارث بن الحكم بن أبي العاص ثلاثمائة ألف درهم، وأعطى زيد بن ثابت مائة ألف درهم، جعل أبو ذر يقول: بشر الكانزين بعذاب أليم، ويتلو قول الله تعالى: (والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم) فرفع ذلك مروان إلى عثمان، فأرسل إلى أبي ذر نائلا مولاه: أن انته عما يبلغني عنك، فقال: أينهاني عثمان عن قراءة كتاب الله، وعيب من ترك أمر الله! فوالله لان أرضى الله بسخط عثمان أحب إلى وخير لي من أن أسخط الله برضاه. فأغضب عثمان ذلك، وأحفظه فتصابر.
وقال يوما: أيجوز للامام أن يأخذ من المال، فإذا أيسر قضى؟ فقال كعب الأحبار: لا بأس بذلك، فقال له أبو ذر: يا بن اليهوديين، أتعلمنا ديننا! فقال عثمان:
قد كثر أذاك لي وتولعك بأصحابي، الحق بالشام. فأخرجه إليها، فكان أبو ذر ينكر على معاوية أشياء يفعلها، فبعث إليه معاوية ثلاثمائة دينار، فقال أبو ذر: إن كانت هذه