شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٣ - الصفحة ٣٢
عثمان قال في جواب هذا التعنيف والتوبيخ من أبى بكر وعمر: إن عندي عهدا من رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه، لا أستحق معه عتابا ولا تهجينا، وكيف تطيب نفس مسلم موقر لرسول الله صلى الله عليه وسلم معظم له، أن يأتي إلى عدو رسول الله صلى الله عليه وسلم، مصرح بعداوته والوقيعة فيه، حتى بلغ به الامر إلى أن كان يحكى مشيته، طرده رسول الله، وأبعده ولعنه، حتى صار مشهورا بأنه طريد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيكرمه ويرده إلى حيث أخرج منه، ويصله بالمال العظيم: إما من مال المسلمين أو من ماله! إن هذا لعظيم كبير قبل التصفح والتأمل و التعلل بالتأويل الباطل!
فأما قول صاحب،، المغني،، إن أبا بكر وعمر لم يقبلا قوله لأنه شاهد واحد، وجعلا ذلك بمنزلة الحقوق التي تخص، فأول ما فيه أنه لم يشهد عندهما بشئ واحد في باب الحكم على ما رواه جميع الناس، ثم ليس هذا من باب الذي يحتاج فيه إلى الشاهدين، بل هو بمنزلة كل ما يقبل فيه أخبار الآحاد. وكيف يجوز أن يجرى أبو بكر وعمر مجرى الحقوق ما ليس منها! وقوله: لا بد من تجويز كونه صادقا في روايته، لان القطع على كذب روايته لا سبيل إليه ليس بشئ، لأنا قد بينا أنه لم يرو عن الرسول صلى الله عليه وسلم إذنا، إنما ادعى أنه أطمعه في ذلك. وإذا جوزنا كونه صادقا في هذه الرواية، بل قطعنا على صدقه لم يكن معذورا.
فأما قوله: الواجب على غيره ألا يتهمه إذا كان لفعله وجه يصح عليه، لانتصابه منصبا يزيل التهمة، فأول ما فيه أن الحاكم لا يجوز أن يحكم بعلمه مع التهمة، والتهمة قد تكون لها أمارات وعلامات، فما وقع منها عن أمارات وأسباب تتهم في العادة كان مؤثرا، وما لم يكن كذلك فلا تأثير له، والحكم هو عم عثمان، وقريبه ونسيبه، ومن
(٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 بقية رد المرتضى على ما أرده القاضي عبد الجبار من الدفاع عن عثمان 4
2 ذكر المطاعن التي طعن بها على عثمان والرد عليها 11
3 بيعة جرير بن عبد الله البجلي لعلي 70
4 بيعة الأشعث لعلي 73
5 دعوة علي معاوية إلى البيعة والطاعة ورد معاوية عليه 74
6 أخبار متفرقة 91
7 مفارقة جرير بن عبد الله البجلي لمعاوية 115
8 نسب جرير وبعض أخباره 117
9 44 - ومن كلام له عليه السلام لما هرب مصقلة بن هبيرة الشيباني إلى معاوية 119
10 نسب بنى ناجية 120
11 نسب علي بن الجهم وطائفة من أخباره وشعره 122
12 نسب مصقلة بن هبيرة 127
13 خبر بني ناجية مع علي 127
14 قصة الخريت بن راشد الناجي وخروجه على علي 128
15 45 - من خطبة له عليه السلام في الزهد وتعظيم الله وتصغير أمر الدنيا 152
16 فصل بلاغي في الموازنة والسجع 153
17 نبذ من كلام الحكماء في مدح القناعة وذم الطمع 154
18 46 - من كلام له عليه السلام عن عزمه على المسير إلى الشام 165
19 أدعية على عند خروجه من الكوفة لحرب معاوية 166
20 كلام علي حين نزل بكربلاء 169
21 كلامه لأصحابه وكتبه إلى عماله 171
22 كتاب محمد بن أبي بكر إلى معاوية وجوابه عليه 188
23 47 - من كلام له عليه السلام في ذكر الكوفة \ 197
24 فصل في ذكر فضل الكوفة 198
25 48 - من خطبة له عليه السلام عند المسير إلى الشام 200
26 أخبار علي في جيشه وهو في طريقه إلى صفين 202
27 49 - من خطبة له في تمجيد الله سبحانه وتمجيده 216
28 فصول في العلم الإلهي: 217
29 الفصل الأول وهو الكلام على كونه تعالى عالما بالأمور الخفية 218
30 الفصل الثاني في تفسير قوله عليه السلام: " ودلت عليه أعلام الظهور " 221
31 الفصل الثالث في أن هويته تعالى غير هوية البشر 222
32 الفصل الرابع في نفي التشبيه عنه تعالى 223
33 الفصل الخامس في بيان أن الجاحد له مكابر بلسانه ومثبت له بقلبه 238
34 50 - من خطبة له عليه السلام يصف وقوع الفتن 240
35 51 - من كلام له عليه السلام لما غلب أصحاب معاوية أصحابه عليه السلام على شريعة الفرات بصفين ومنعوهم من الماء 244
36 الأشعار الواردة في الإباء والأنف من احتمال الضيم 245
37 أباة الضيم وأخباره 249
38 غلبة معاوية على الماء بصفين ثم غلبة علي عليه بعد ذلك 312
39 52 - من خطبة له في وصف الدنيا ما قيل من الأشعار في ذم الدنيا 335