عثمان قال في جواب هذا التعنيف والتوبيخ من أبى بكر وعمر: إن عندي عهدا من رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه، لا أستحق معه عتابا ولا تهجينا، وكيف تطيب نفس مسلم موقر لرسول الله صلى الله عليه وسلم معظم له، أن يأتي إلى عدو رسول الله صلى الله عليه وسلم، مصرح بعداوته والوقيعة فيه، حتى بلغ به الامر إلى أن كان يحكى مشيته، طرده رسول الله، وأبعده ولعنه، حتى صار مشهورا بأنه طريد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيكرمه ويرده إلى حيث أخرج منه، ويصله بالمال العظيم: إما من مال المسلمين أو من ماله! إن هذا لعظيم كبير قبل التصفح والتأمل و التعلل بالتأويل الباطل!
فأما قول صاحب،، المغني،، إن أبا بكر وعمر لم يقبلا قوله لأنه شاهد واحد، وجعلا ذلك بمنزلة الحقوق التي تخص، فأول ما فيه أنه لم يشهد عندهما بشئ واحد في باب الحكم على ما رواه جميع الناس، ثم ليس هذا من باب الذي يحتاج فيه إلى الشاهدين، بل هو بمنزلة كل ما يقبل فيه أخبار الآحاد. وكيف يجوز أن يجرى أبو بكر وعمر مجرى الحقوق ما ليس منها! وقوله: لا بد من تجويز كونه صادقا في روايته، لان القطع على كذب روايته لا سبيل إليه ليس بشئ، لأنا قد بينا أنه لم يرو عن الرسول صلى الله عليه وسلم إذنا، إنما ادعى أنه أطمعه في ذلك. وإذا جوزنا كونه صادقا في هذه الرواية، بل قطعنا على صدقه لم يكن معذورا.
فأما قوله: الواجب على غيره ألا يتهمه إذا كان لفعله وجه يصح عليه، لانتصابه منصبا يزيل التهمة، فأول ما فيه أن الحاكم لا يجوز أن يحكم بعلمه مع التهمة، والتهمة قد تكون لها أمارات وعلامات، فما وقع منها عن أمارات وأسباب تتهم في العادة كان مؤثرا، وما لم يكن كذلك فلا تأثير له، والحكم هو عم عثمان، وقريبه ونسيبه، ومن