الشرح:
الأنيق: المعجب، وآنقني الشئ، أي أعجبني، يقول: لا ينبغي أن يحمل جميع ما في لكتاب العزيز على ظاهره، فكم من ظاهر فيه غير مراد، بل المراد به أمر آخر باطن، والمراد الرد على أهل الاجتهاد في الأحكام الشرعية، وإفساد قول من قال: كل مجتهد مصيب، وتلخيص الاحتجاج من خمسة أوجه:
الأول: أنه لما كان الاله سبحانه واحدا، والرسول صلى الله عليه وآله واحدا، والكتاب واحدا، وجب أن يكون الحكم في الواقعة واحدا، كالملك الذي يرسل إلى رعيته رسولا بكتاب يأمرهم فيه بأوامر يقتضيها ملكه وإمرته، فإنه لا يجوز أن تتناقض أوامره، ولو تناقضت لنسب إلى السفه والجهل.
الثاني: لا يخلو الاختلاف الذي ذهب إليه المجتهدون، إما أن يكون مأمورا به أو منهيا عنه، والأول باطل، لأنه ليس في الكتاب والسنة ما يمكن الخصم أن يتعلق به، في كون الاختلاف مأمورا به. والثاني حق، ويلزم منه تحريم الاختلاف.
الثالث: إما أن يكون دين الاسلام ناقصا أو تاما، فإن كان الأول، كان الله سبحانه قد استعان بالمكلفين على إتمام شريعة ناقصة أرسل بها رسوله، إما استعانة على سبيل النيابة عنه، أو على سبيل المشاركة له، وكلاهما كفر وإن كان الثاني، فإما أن يكون الله تعالى أنزل الشرع تاما فقصر الرسول عن تبليغه، أو يكون الرسول قد أبلغه على تمامه وكماله، فإن كان الأول فهو كفر أيضا، وإن كان الثاني فقد بطل الاجتهاد، لان الاجتهاد إنما يكون فيما لم يتبين فأما ما قد بين فلا مجال للاجتهاد فيه.
الرابع: الاستدلال بقوله تعالى: (ما فرطنا في الكتاب من شئ (1))، وقوله:
(تبيانا لكل شئ) (2)، وقوله سبحانه: (ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب