من عندك، فأبى زياد، وحدث بينهم وبين زياد شر، كاد يكون حربا، فرجع منهم قوم إلى رسول الله صلى الله عليه وآله، وكتب زياد إليه عليه السلام يشكوهم.
وفي هذه الوقعة كان الخبر المشهور عن رسول الله صلى الله عليه وآله، قال لبني وليعة:
" لتنتهن يا بنى وليعة، أو لأبعثن عليكم رجلا عديل نفسي، يقتل مقاتلتكم، ويسبي ذراريكم ". قال عمر بن الخطاب: فما تمنيت الامارة إلا يومئذ، وجعلت أنصب له صدري رجاء أن يقول: هو هذا، فأخذ بيد علي عليه السلام، وقال: " هو هذا ".
ثم كتب لهم رسول الله صلى الله عليه وآله، إلى زياد، فوصلوا إليه الكتاب، وقد توفى رسول الله صلى الله عليه وآله، وطار الخبر بموته إلى قبائل العرب، فارتدت بنو وليعة، وغنت بغاياهم، وخضبن له أيديهن.
وقال محمد بن حبيب: كان إسلام بنى وليعة ضعيفا، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله يعلم ذلك منهم. ولما حج رسول الله صلى الله عليه وآله حجة الوداع، وانتهى إلى فم الشعب دخل أسامة بن زيد ليبول، فانتظره رسول الله صلى الله عليه وآله، وكان أسامة أسود أفطس، فقال بنو وليعة: هذا الحبشي حبسنا! فكانت الردة في أنفسهم.
قال أبو جعفر محمد بن جرير (1): فأمر أبو بكر زيادا على حضر موت، وأمره بأخذ البيعة على أهلها واستيفاء صدقاتهم، فبايعوه إلا بنى وليعة، فلما خرج ليقبض الصدقات من بنى عمرو بن معاوية، أخذ ناقة لغلام منهم يعرف بشيطان بن حجر، وكانت صفية (2) نفيسة، اسمها شذرة، فمنعه الغلام عنها، وقال: خذ غيرها، فأبى زياد ذلك ولج، فاستغاث شيطان بأخيه العداء بن حجر، فقال لزياد: دعها وخذ غيرها، فأبى زياد ذلك، ولج الغلامان في أخذها ولج زياد وقال لهما: لا تكونن شذرة عليكما كالبسوس،