يطلع إذا استحكمت شبيبة الانسان واشتدت مرته، ولذلك يدعوه العوام ضرس الحلم (1)، كأن الحلم يأتي مع طلوعه، ويذهب نزق الصبا، ويقولون: رجل منجذ، أي مجرب محكم، كأنه قد عض على ناجذه وكمل عقله.
وقوله: " يذري الروايات " هكذا أكثر النسخ، وأكثر الروايات " يذري " من " أذرى " رباعيا، وقد أوضحه قوله: " إذراء الريح "، يقال: طعنه فأذراه، أي ألقاه، وأذريت الحب للزرع، أي ألقيته، فكأنه يقول: يلقى الروايات كما يلقى الانسان الشئ على الأرض، والأجود الأصح الرواية الأخرى " يذرو الروايات ذرو الريح الهشيم "، وهكذا ذكر ابن قتيبة في " غريب الحديث " لما ذكر هذه الخطبة عن أمير المؤمنين عليه السلام، قال تعالى: (فأصبح هشيما تذروه الرياح)، (2) والهشيم:
ما يبس من النبت وتفتت.
قوله: " لا ملئ "، أي لا قيم به، وفلان غنى ملئ، أي ثقة بين الملا والملاء، بالمد. وفي كتاب ابن قتيبة تتمة هذا الكلام: " ولا أهل لما قرظ به "، قال: أي ليس بمستحق للمدح الذي مدح به. والذي رواه ابن قتيبة من تمام كلام أمير المؤمنين عليه السلام هو الصحيح الجيد، لأنه يستقبح في العربية أن تقول: لا زيد قائم، حتى تقول: ولا عمرو. أو تقول:
ولا قاعد، فقوله عليه السلام: " لا ملئ " أي لا هو ملئ، وهذا يستدعى " لا " ثانية، ولا يحسن الاقتصار على الأولى.
وقوله عليه السلام: " اكتتم به " أي كتمه وستره. وقوله: " تصرخ منه وتعج ".
العج: رفع الصوت، وهذا من باب الاستعارة.
وفي كثير من النسخ: " إلى الله أشكو " فمن روى ذلك وقف على " المواريث "،