وكلامه في هذه الخطبة مع أصحاب الجمل، والداعي هو أحد الثلاثة: الرجلان والمرأة.
ثم قال على سبيل الاستصغار لهم والاستحقار: " من دعا! وإلى ما ذا أجيب! " أي أحقر بقوم دعاهم هذا الداعي! وأبح بالامر الذي أجابوه إليه، فما أفحشه وأرذله!
وقال الراوندي: يا خيبة الداعي، تقديره: يا هؤلاء، فحذف المنادى، ثم قال: خيبة الداعي، أي خاب الداعي خيبة. وهذا ارتكاب ضرورة لا حاجة إليها، وإنما يحذف المنادى في المواضع التي دل الدليل فيها على الحذف، كقوله:
* يا فانظرا أيمن الوادي على إضم * وأيضا، فإن المصدر الذي لا عامل فيه غير جائز حذف عامله، وتقدير حذفه تقدير ما لا دليل عليه.
وهبلته أمه: ثكلته بكسر الباء.
وقوله: " لقد كنت وما أهدد بالحرب "، معناه: ما زلت لا أهدد بالحرب، والواو زائدة. وهذه كلمة فصيحة كثيرا ما تستعملها العرب. وقد ورد في القرآن العزيز " كان " بمعنى " ما زال " في قوله: (وكان الله عليما حكيما) ونحو ذلك من الآي، معنى ذلك: لم يزل الله عليما حكيما. والذي تأوله المرتضى رحمه الله تعالى في " تكملة الغرر والدرر " (2) كلام متكلف، والوجه الصحيح ما ذكرناه.
* * * وهذه الخطبة ليست من خطب صفين كما ذكره الراوندي، بل من خطب الجمل، وقد ذكر كثيرا منها أبو مخنف رحمه الله تعالى، قال: حدثنا مسافر بن عفيف بن أبي الأخنس،