متقدميهم ولا من متأخريهم، قال: وإنما نفاه ضرار (1) بن عمرو، ولمخالطته لأصحابنا وأخذه عن شيوخنا، ما نسب قوله إليهم.
ويمكن أن يقول قائل: هذا الكلام لا يدل على صحة القول بعذاب القبر، لجواز أن يعنى بمعاينة من قد مات، ما يشاهده المحتضر من الحالة الدالة على السعادة أو الشقاوة، فقد جاء في الخبر: " لا يموت امرؤ حتى يعلم مصيره، هل هو إلى جنة أم إلى النار ". ويمكن أن يعنى به ما يعاينه المحتضر من ملك الموت وهول قدومه. ويمكن أن يعنى به ما كان عليه السلام يقوله عن نفسه: إنه لا يموت ميت حتى يشاهده عليه السلام حاضرا عنده. والشيعة تذهب إلى هذا القول وتعتقده، وتروى عنه عليه السلام شعرا قاله للحارث الأعور الهمداني:
يا حار همدان من يمت يرني * من مؤمن أو منافق قبلا يعرفني طرفه وأعرفه * بعينه واسمه وما فعلا أقول للنار وهي توقد للعرض * ذريه لا تقربي الرجلا ذريه لا تقربيه إن له * حبلا بحبل الوصي متصلا وأنت يا حار إن تمنى * فلا تخف عثرة ولا زللا (2) أسقيك من بارد على ظمأ * تخاله في الحلاوة العسلا وليس هذا بمنكر، إن صح أنه عليه السلام قاله عن نفسه، ففي الكتاب العزيز ما يدل على أن أهل الكتاب لا يموت منهم ميت حتى يصدق بعيسى بن مريم عليه السلام، وذلك قوله: (وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته ويوم