قال أبو مخنف: وانتهى الحارث بن زهير الأزدي من أصحاب علي عليه السلام إلى الجمل، ورجل (1) آخذ بخطامه، لا يدنو منه أحد إلا قتله، فلما رآه الحارث بن زهير مشى إليه بالسيف وارتجز، فقال لعائشة:
يا أمنا أعق أم نعلم (2) * والام تغذو ولدها وترحم أما ترين كم شجاع يكلم! * وتختلي هامته والمعصم! (3) فاختلف هو والرجل ضربتين، فكلاهما أثخن صاحبه.
قال جندب بن عبد الله الأزدي: فجئت حتى وقفت عليهما وهما يفحصان بأرجلهما حتى ماتا. قال: فأتيت عائشة بعد ذلك أسلم عليها بالمدينة، فقالت: من أنت؟ قلت:
رجل من أهل الكوفة، قالت: هل شهدتنا يوم البصرة؟ قلت: نعم، قالت:
مع أي الفريقين؟ قلت: مع علي، قالت: هل سمعت مقالة الذي قال:
* يا أمنا أعق أم نعلم * قلت: نعم، وأعرفه، قالت: ومن هو؟ قلت: ابن عم لي، قالت: وما فعل؟ قلت:
قتل عند الجمل وقتل قاتله، قال: فبكت حتى ظننت والله أنها لا تسكت، ثم قالت:
لوددت والله أنني كنت مت قبل ذلك اليوم بعشرين سنة.
قالوا: وخرج رجل من عسكر البصرة يعرف بخباب بن عمرو الراسبي، فارتجز فقال:
أضربهم ولو أرى عليا * عممته أبيض مشرفيا * أريح منه معشرا غويا * فقصده الأشتر فقتله.
ثم تقدم عبد الرحمن بن عتاب بن أسيد بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس، وهو