فأما قوله: " أرضكم قريبة من الماء، بعيدة من السماء "، فقد قدمنا (1) معنى قوله " قريبة من الماء " وذكرنا غرقها من بحر فارس دفعتين، ومراده عليه السلام بقوله:
" قريبة من الماء "، أي قريبة من الغرق بالماء. وأما " بعيدة من السماء "، فإن أرباب علم الهيئة وصناعة التنجيم يذكرون أن أبعد موضع في الأرض عن السماء الأبلة (2)، وذلك موافق لقوله عليه السلام.
ومعنى البعد عن السماء هاهنا هو بعد تلك الأرض المخصوصة عن دائرة معدل النهار والبقاع، والبلاد تختلف في ذلك. وقد دلت الأرصاد والآلات النجومية على أن أبعد موضع في المعمورة عن دائرة معدل النهار هو الأبلة، والأبلة هي قصبة البصرة.
وهذا الموضع من خصائص أمير المؤمنين عليه السلام، لأنه أخبر عن أمر لا تعرفه العرب، ولا تهتدي إليه، وهو مخصوص بالمدققين من الحكماء. وهذا من أسراره وغرائبه البديعة