فمنهم معطلة، ومنهم غير معطلة.
فأما المعطلة منهم، فبعضهم أنكر الخالق والبعث والإعادة، وقالوا ما قال القرآن العزيز عنهم: ﴿ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر﴾ (١)، فجعلوا الجامع لهم الطبع، والمهلك لهم الدهر. وبعضهم اعترف بالخالق سبحانه وأنكر البعث، وهم الذين أخبر سبحانه عنهم بقوله: (قال من يحيى العظام وهي رميم). ومنهم من أقر بالخالق ونوع من الإعادة، وأنكروا الرسل وعبدوا الأصنام، وزعموا أنها شفعاء عند الله في الآخرة، وحجوا، لها ونحروا لها الهدى، وقربوا لها القربان، وحللوا وحرموا، وهم جمهور العرب، وهم الذين قال الله تعالى عنهم: ﴿وقالوا ما لهذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق﴾ (2).
فممن نطق شعره بإنكار البعث بعضهم يرثي قتلى بدر (3):
فماذا بالقليب قليب بدر * من الفتيان والقوم الكرام! (4) وماذا بالقليب قليب بدر * من الشيزى تكلل بالسنام! (5) أيخبرنا ابن كبشة أن سنحيا * وكيف حياة أصداء وهام!
إذا ما الرأس زال بمنكبيه * فقد شبع الأنيس من الطعام أيقتلني إذا ما كنت حيا * ويحييني إذا رمت عظامي!