أما بعد، فإن الله جعل الدنيا لما بعدها (1) وابتلى أهلها فيما لينظر كيف يعملون، وأيهم أحسن عملا وهو العزيز الغفور، وابتلاني بك وابتلاك بي فجعل أحدنا حجه على الآخر تمحيصا (2) فعبرت على طلب الدنيا بتأويل القرآن (3) وطلبتني بما لم تجن يدي ولا لساني، وعصيتني أنت وأهل الشام / 42 / ألب عالمكم جاهلكم، ولبستم عليه الحق سفها بغير علم (4) وأتيتم بهتانا وإثما مبينا، وتوليت من ذلك إثم ما حاولت، وأنت عارف بوصول ضره إليك في عاجل الدنيا وآجل الآخرة (5).
فاتق الله يا معاوية في نفسك، وجاذب الشيطان قيادك، فإن الدنيا منقطعة [عنك] وإن الدار الآخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون (6).
فتفكر فيما لك وعليك من هذا الأمر يوضح لك سبله، واستعن بما أعناك الله ولا تجاهل فإنك عالم فتدارك نفسك ولما يحدث يجعل الله لك ولسلطانك سبيلا والسلام.
ولما هم بالمسير إلى معاوية كتب إلى جميع عماله يأمرهم بالقدوم وليشهدوا قتال عدوهم ويخلفوا من يقوم مقامهم.