فأبو بكر وإن كان فاضلا فقد كان في بدنه ضعيفا ولم يكن على أكناف أهل العداوة في الحروب ثقيلا، ولا كان في ذلك مقدما، ولا لعلي مدانيا، وإن كان في منزلة السبق سابقا فلم يكن في شدائد امحن السبق داخلا ولا كان بالحصار ممتحنا وبالفراش مخصوصا وعلي في كل ذلك عليه مقدم.
وأبو بكر وإن كان بالله عالما (1) فلم يبلغ من الرساخة في العلم والذب عن الله بالمحاجة في العلم والدين والرد على الملحدين ما يقرب من منزلة علي (2) في علم التوحيد، وأبو بكر وإن كان خطيبا بليغا (3) فلم يكن في خطبه متسعا ولا في بلاغته مسحنفرا (4) ولا للمعاني الدالة على لطافة العلم بغائص الفهم ولطافة الفكر مستخرجا.
وإن كان أبو بكر هذا صبورا فلم يبلغ من زهده زهد من قاسى الفقر في أوله، وقاسى عدم الكفاية في أيامه، وسعى في طلب قوته بمؤاجرة نفسه، وعف عن مال الله عند إقبال الدنيا عليه وحين أفضت الخلافة إليه.
ولم يمتحن أبو بكر بالاستئثار عليه ولا امتحن في زمانه بحدوث / 87 / الفتن المتراكمة