في الصحاح عن الفراء الصعيد التراب وقال ثعلب وجه الأرض لقوله تعالى فتصبح صعيدا زلقا انتهى وقال العيني في شرح البخاري (صعيدا طيبا) أي أرضا طاهرة وفي الجمهرة وهو التراب الذي لا يخالطه رمل ولا سبخ هذا قول أبي عبيدة وعن قتادة أن الصعيد الأرض التي لا نبات فيها ولا شجر انتهى ملخصا ومن الاختلاف في تفسير الصعيد اختلفوا في هذه المسألة فذهب إلى تخصيص التراب للتيمم الشافعي وأحمد وداود وذهب مالك وأبو حنيفة وعطاء والأوزاعي والثوري إلى أنه يجزئ بالأرض فلا وما عليها واستدلال كلا الفريقين بقوله تعالى فتيمموا صعيدا طيبا قلت التحقيق في هذه المسألة أن التراب هو المتعين لمن وجد التراب ولا يجوز بغيره لأن الصعيد هو التراب فقط عند بعض أئمة اللغة فالتيمم عليه جائز اتفاقا فكيف يترك المتيقن بالمحتمل ومن لم يجد التراب فيتيمم على الرمال والأحجار ويصلي لأنه مدلول الصعيد لغة عند بعض أئمة اللغة ومن لم يجد الرمال والأحجار فيتيمم على كل ما ذكر آنفا في تفسير الصعيد ولا يصلي بغير التيمم ومن لم يجد هذه كلها فيصلي بغير طهارة والله أعلم (ولو إلى عشر سنين) المراد بالعشر التكثير لا التحديد ومعناه أي له أن يفعل التيمم مرة بعد أخرى وإن بلغت مدة عدم الماء واتصلت إلى عشر سنين وليس في معنى أن التيمم دفعة واحدة تكفيه لعشر سنين وكذلك قوله عليه السلام وما بدا لك في المسح على الخفين قاله الخطابي في المعالم وفيه دليل على أن خروج الوقت غير ناقض للتيمم بل حكمه حكم الوضوء قال الخطابي ويحتج بهذا الحديث من يرى أن للمتيمم أن يجمع بتيممه بين صلوات ذوات عدد وهو مذهب أصحاب الحديث قال الحافظ ابن حجر واحتج البخاري لعدم وجوب التيمم لكل صلاة بعموم قوله صلى الله عليه وسلم في حديث عمران عليك بالصعيد فإنه يكفيك قال الحافظ وهذه المسألة وافق فيها البخاري الكوفيين والجمهور وذهب بعض من التابعين إلى خلاف ذلك انتهى قلت مذهب الجمهور قوي وقد جاء آثار تدل على ما ذهب إليه البعض من التابعين من أن المصلي يجدد التيمم لكل صلاة لكن أكثرها ضعيف وما صح منها فليس فيها شئ يحتج به على فرضية التجديد فهي محمولة على الاستحباب (فإذا وجدت الماء فأمسه جلدك) أمس أمر من الامساس والمعنى إذا وجدت الماء فعليك أن تتوضأ أو تغتسل قال الامام الخطابي ويحتج بهذا الحديث في إيجاب انتقاض طهارة المتيمم بوجود الماء على عموم الأحوال سواء كان في صلاة أو غيرها انتهى ويحتج به أيضا في أن لا يتيمم في مصر لصلاة فرض ولا لجنازة ولا لعيد لأنه واجد للماء فعليه أن يمسه جلده (فإن ذلك) أي
(٣٦٢)