ومرورهما من غير مكث فليس بحرم إلا إذا خافت التلوث ودليل ذلك قول الله تبارك وتعالى (يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون ولا جنبا إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا) روى الحافظ ابن كثير في تفسيره عن ابن أبي حاتم بسنده إلى ابن عباس في قوله تعالى (ولا جنبا إلا عابري سبيل) قال لا تدخلوا المسجد وأنتم جنب إلا عابري سبيل قال تمر به مرا ولا تجلس ثم قال وروي عن عبد الله بن مسعود وأنس وأبي عبيدة وسعيد بن المسيب والضحاك وعطاء ومجاهد ومسروق وإبراهيم النخعي وزيد بن أسلم وأبي مالك وعمرو بن دينار والحكم بن عتبة وعكرمة والحسن البصري ويحيى بن سعيد الأنصاري وابن شهاب وقتادة نحو ذلك قلت والعبور إنما يكون في محل الصلاة وهو المسجد لا في الصلاة وتقييد جواز ذلك في السفر لا دليل عليه بل الظاهر أن المراد مطلق المار لأن المسافر ذكر بعد ذلك فيكون تكرارا يصان القرآن عن مثله قال ابن كثير ومن الآية المذكورة احتج كثير من الأئمة على أنه يحرم على الجنب المكث في المسجد ويجوز له المرور وكذا الحائض والنفساء في معناه إلا أن بعضهم قال يمنع مرورهما التلويث لاحتمال ومنهم من قال إن أمنت كل واحدة منهما التلويث في حال المرور جاز لهما المرور وإلا فلا قال ابن رسلان في شرحه قوله صلى الله عليه وسلم فإني لا أحل المسجد لحائض ولا جنب استدل به على تحريم اللبث في المسجد والعبور فيه سواء كان لحاجة أو لغيرها قائما أو جالسا أو مترددا على أي حال متوضئا كان أو غيره لإطلاق هذا الحديث ويجوز عند الشافعي ومالك العبور في المسجد من غير لبث سواء كان لحاجة أم لا وحكاه ابن المنذر عن سفيان الثوري وأبي حنيفة وأصحابه وإسحاق بن راهويه لا يجوز العبور إلا أن لا يجد بدا منه فيتوضأ ثم يمر وإن لم يجد الماء يتيمم ومذهب أحمد يباح العبور في المسجد للحاجة من أخذ شئ أو تركه أو كون الطريق فيه وأما غير ذلك فلا يجوز بحال انتهى كلامه
(٢٦٨)